كتاب «نبيل القعيطي .. شهيد الكلمة..ابتسامة وطن» – الحلقة الثالثة ( “جلدناهم جلد” كلمات نصر ستظل خالدة في وعي الشارع الجنوبي )

كتاب «نبيل القعيطي .. شهيد الكلمة..ابتسامة وطن» – الحلقة الثالثة ( “جلدناهم جلد” كلمات نصر ستظل خالدة في وعي الشارع الجنوبي )

برز نبيل القعيطي في مرحلة الحراك السلمي الجنوبي كأفضل مصور يوثق الانتهاكات التي مارستها الأجهزة الأمنية ضد أبناء  عدن والجنوب آنذاك، هذا بحسب بسام القاضي، الذي أرجع الأمر إلى الطريقة المبتكرة التي أحدثها القعيطي في الرصد والتوثيق، حيث قال: “نظراً للحالة الأمنية غير المسبوقة التي كانت تعيشها عدن في مرحلة الحراك السلمي الجنوبي.

اغتيال موّثِق تحرير عدن

لجأ نبيل إلى ابتكار طريقة جديدة للتصوير دون أن يدخل في صدام مع القوات الأمنية، إذ اقتنى كاميرا أخرى وثبتها على زجاج سيارته الأمامي، وهو ما منح لقطاته أفضلية على غيره من المصورين، وتمكن من توثيق عدد من الانتهاكات الجسيمة بحق المتظاهرين في مدينة المنصورة، وبقيت لقطاته تتداول على وسائل الإعلام المرئية المحلية والعربية لأيام”.

وبهذه الطريقة وثق نبيل القعيطي كل المسيرات والفعاليات والمليونيات التي كان يغطيها وينقلها للرأي العام المحلي والعربي والدولي، كما وثق جل ما حصل للجنوبيين من قتل بلا هوادة من قبل مجنزرات الاحتلال اليمني على المسيرات السلمية والاحتجاجات الشعبية والاعتصامات النقابية المدنية والعسكرية المطالبة بالحقوق منذ الانطلاقة في يوليو 2007 م، حتى مارس 2015 م.

كما وثق الأحداث الساخنة التي حصلت في 2011 م، عام ما يسمى ثورة الربيع العربي، ووثق مخيمات ثورة شباب 16 فبراير الجنوبية (ثوار))، كما غطى معركة العر بيافع في العام ذاته، وكانت لهذه المعركة الأثر الكبير على معنويات الجنوبيين، بصفتها أول معركة تحقق نصراً للجنوبيين على قوات الاحتلال الشمالي منذ حرب صيف 1994م.

ووثق كل الفعاليات والاعتصامات وخطب الجمعة التي كانت تقام في شارع مدرم بالمعلا، بحسب شهادة الباركي الكلدي التي قدمها لنا، ووثق ما كان يقام في مخيم الاعتصامات في ساحة العروض بخور مكسر، وآخرها الاعتصامات الشبابية للمجموعات الجنوبية 2014م.

تألق نبيل القعيطي إلى المستوى العالمي (الإعلام الحربي/ 2015- 2020م)

نشرت جريدة العين “الإخبارية” الإماراتية مقالاً مقتضباً تستعرض فيه مشوار نبيل القعيطي الإعلامي، مركزة على طبيعة عمله الحربي ولحظة تألقه إلى العالمية، وجاء في مستهله: “انخرط القعيطي بتغطية التظاهرات السلمية للحراك الجنوبي السلمي، لكن اندلاع الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي الانقلابية على عدن في مارس 2015 م، كانت بداية تألقه الحقيقي كمصور حربي من طراز الشجعان، حيث اقتحم المصور الصحفي نبيل القعيطي، الخطوط الأمامية في أهم جبهات القتال جنوب وغربي اليمن… وعلى مدار 5 سنوات من الحرب، وثّقت عدسة نبيل القعيطي هزائم المليشيا الحوثية والإخوانية على حد سواء، ونظرا لامتلاكه أرشيف ثري بالأحداث، كان المصور القعيطي لا يتردد في مدّ”العين الإخبارية”، بلقطات لمعارك عدن وبطولات القوات الإماراتية العاملة ضمن التحالف العربي في مناسبات سنوية متعددة، وقد وثقّت عدسته جرائم حرب المليشيا الحوثية ضد المدنيين في عدن وباقي مدن الجنوب في 2015 م، فضلاً عن مآسي النزوح والمجاعة في لحج وأبين، وصولاً إلى الحديدة والساحل الغربي، قبل أن ترافق انتصارات قوات التحالف العربي والقوات الجنوبية التي دحرت الإرهاب الحوثي من كامل الجنوب، وفي الهجوم الأخير الذي شنته المليشيا الإخوانية على محافظة أبين، كانت عدسة القعيطي، تتقدم الصفوف الأولى وتدحض انتصارات الإخوان المزعومة، كما تعرض بالصوت والصورة مسلسل انتكاساتهم وحطام معداتهم العسكرية التي تصدت لها القوات الجنوبية، وكان يمثل القعيطي، بحسب شهادة زملائه، “جبهة إعلامية جنوبية بمفرده، استطاع أن تهزم أبواق الإخوان، وكشف وتعرية زيف وسائلهم الإعلامية، كما أنه كان صوتاً للفئات المسحوقة والمتضررة من الحرب، وكان لعدسته الفضل في انتشال مئات الأسر من حالة البؤس بعد نقل معاناتها إلى كافة الجهات المختصة؛ ولإطفاء عدسته كانت يد الإرهاب تطاله أمام منزله بعدن في عملية اغتيال وصفت بالجبانة”.

وخلال معارك تحرير الجنوب من قبل مليشيات الحوثي كان يظهر القعيطي بابتسامة لطيفة معبرة عن تطلعات الشاب الجنوبي الحالم بغد جميل في ركام من الدمار وويلات الحروب، وكان، رحمة الله عليه، يظهر بجانب المقاومة الجنوبية وسير تقدمها خطوة بخطوة، راكباً كالجند على الأطقم أو يسير بجانبهم على متن سيارته المتواضعة، متنقلاً من جبهة إلى جبهة يوثق انتصاراتها وتحريرها، وعن أبرز الأماكن التي وصلت إليها كاميرا القعيطي بشكل عام وفي جبهات القتال خاصه، بحسب ما سألته الصحفية دنيا فرحان في مقابلتها الصحفية له في 2017م، يقول القعيطي: “الأماكن التي صورنا فيها عديدة، على سبيل الذكر وليس الحصر: عدن، لحج،  الضالع، حضرموت، أبين،  مأرب، شبوة، تعز، صنعاء، لكن عدن تحوز على صدارة الأماكن”.

وفي المعركة الأخيرة التي تخوضها القوات المسلحة الجنوبية تحت لواء المجلس الانتقالي الجنوبي، وضد مليشيات الإخوان والعناصر الإرهابية المنطوية تحت عباءة الشرعية في أبين/ شقرة، بدا نبيل القعيطي مشاركاً بقوة، وكأن هذه المعركة، التي بدأت في 21 فبراير 2020م، وما زالت حتى اليوم، والتي أطلق عليها معركة الحسم الجنوبي، تمثل لنبيل القعيطي النصر أو الشهادة، وخلال هذه المعركة كان يظهر في الصفوف الأولى مع قادة الألوية الجنوبية، وكان يظهر أشعث أغبر بجانب حطام مدرعات ومجنزرات العدو الغازي؛ ليهدي لنا النصر بابتسامة عريضة لم تفارق محياه قط، ويتمتم بكلمات النصر، تظل خالدة في وعي الشارع الجنوبي “جلدناهم جلد”، “إنهم هناااااك… أترونهم، شردوا شردوا”.

Author

CATEGORIES