كتاب «نبيل القعيطي .. شهيد الكلمة..ابتسامة وطن» – الحلقة الثالثة عشر (مقتل القعيطي خطر يهدد عرش الصحافة في اليمن)

أحدثت جريمة اغتيال المصور الحربي العالمي نبيل القعيطي حزناً عميقاً في الوسط الإعلامي والصحفي المحلي والعربي والعالمي، يواكبه غضب شديد على هشاشة المشهد السياسي في اليمن وصراعاته الطويلة التي امتدت إلى الصحفيين، ونال هذا الغضب الكتاب والناشطين السياسيين والحقوقيين والمنظمات المدنية المحلية والإنسانية العالمية، ترجمت ببيانات النعي والتنديد والشجب المطالب بكشف الحقيقة ومحاكمة القتلة ومن وراءهم قبل أن يستفحل الأمر ويصبح الإعلاميون في اليمن هدفاً للقتلة المأجورين، وعرضة للتهديدات والاعتقالات والتنكيلات.
على المستوى المحلي، بث تلفزيون ربتلي تقريراً إخبارياُ عن وضع الصحفيين في اليمن بعد مقتل القعيطي، قائلاً: “أعرب الكثير عن الغضب والحزن على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كان القعيطي نشطًاً، حتى أصبح صحفياً معروفًا بروحه الشجاعة، بعد أن غطى مناطق المعارك الخطرة في عدن ومأرب، وقدم تغطية في الساحل اليمني الغربي، وأبلغ عن الصراع على السلطة بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي سيطر على العاصمة اليمنية المؤقتة عدن في أغسطس الماضي… ومن خلال توفيره تغطية صور استثنائية لجبهات الحرب حيث كانت الجماعات الإرهابية نشطة، واستخدام عدسته لالتقاط المعاناة في جميع أنحاء البلاد، طورت القعيطي سمعة قوية للصدق والموثوقية وسط عاصفة من التضليل”.
وتحت هذا الغضب والحزن العميق والتوجس من الخطر القادم على الصحافة والصحفيين العاملين في اليمن، قال وكيل وزارة الإعلام اليمنية نجيب غلاب في حديث صرح به لوكالة الأنباء الفرنسية فرانس برس: “إن استهداف الصحفي نبيل القعيطي في عملية اغتيال منظمة ومخطط لها هو اعتداء على الصحافة في اليمن، ويعكس إخفاقات وأخطاء جميع الأطراف المتحاربة”.
وقال أحمد الصوفي متهماً طرفاً سياسياً بعينه في كل هذه الاغتيالات: “نموت متهمين بالعمالة، هكذا قتلوا عدنان الحمادي، وهكذا قتلوا نبيل القعيطي..والله يعلم أيها الإخوان أنكم لكاذبون..“.

الأمين العام للأمم المتحدة يذكر نبيل القعيطي بالاسم مصرحاً بسوء ما أقدم عليه القتلة
وقالت البوابة اليمنية للصحافة الإنسانية – أنسم: “وصل الاستعداء للصحفيين مرحلة خطيرة، فبعد أحكام الإعدام التي طالت أربعة زملاء في صنعاء من قبل محاكم الحوثي منتصف إبريل الماضي، وحالات الانتهاكات المستمرة للزملاء، أقدم مسلحون صباح اليوم الثلاثاء 2 يونيو 2020م على اغتيال الصحفي نبيل القعيطي، مصور الوكالة الفرنسية أثناء خروجه من منزله”، ونحن في البوابة اليمنية للصحافة الانسانية – أنسم، إذ ندين هذه الجريمة النكراء، ندين كل اشكال العنف والقمع التي تطال وتستهدف الصحفيين الذين أصبحت حياتهم على محك الصراعات السياسية والعداء المفرط للصحافة، نطالب نقابة الصحفيين واتحاد الصحفيين الدوليين والمنظمات الدولية بالضغط على الجهات المسؤولة في عدن بالكشف والقبض على مرتكبي هذه الجريمة لينالوا عقابهم”.
وقال رئيس لجنة التدريب والتأهيل بنقابة الصحفيين اليمنيين، نبيل الأسيدي، بحسب ما نقلت عنه جريدة العرب اللندنية: “إن مقتل القعيطي أظهر أن الصحفيين يواجهون خطراً متزايداً وتفاقم الأوضاع في البلاد التي مزقتها الصراعات”، وأضاف “إن الصحفيين اليمنيين استُهدفوا من قبل جميع الأطراف المتحاربة التي تريد إخفاء الحقيقة، وإن عدداً متزايداً من الصحفيين اليمنيين يتعرضون لانتقادات”، مشيراً إلى أن 37 قتلوا منذ بداية الحرب، كما أشار إلى أنه تم اعتقال أو احتجاز أكثر من 300 صحفي على مدى السنوات الخمس الماضية. وقال أيضاً: “إن 17 شخصاً ما زالوا مختطفين، بينهم 14 احتجزهم المتمردون الحوثيون”، وأعرب الأسيدي عن مخاوفه من التلاعب بقضية القعيطي، كما حدث في حالات أخرى مماثلة، داعياً السلطات في عدن إلى فتح تحقيق شفاف وكشف الحقيقة، دون استخدام القضية لتعزيز أجندتها السياسية، بحد قوله.
ومن جانبه أكد رئيس الوزراء اليمني الدكتور معين عبدالملك، ما يتعرض له الصحفيون من تحريض واعتداء واستهداف مباشر بالقتل، وآخرها الاغتيال الغادر للصحفي نبيل القعيطي، مؤكداً أن هذا العمل مناف للديمقراطية والعدالة وحرية التعبير، وينبغي الوقوف حياله بحزم من الكل، وينبغي “ألا يمر أو يخضع لحسابات صغيرة”.
حرية التعبير والعمل الصحفي حجر زاوية لأي بلد ديمقراطي وضمان رئيسي للعدالة والحرية،السقوط في وحل استهداف الصحافة من الاغتيال الغادر للصحفي نبيل القعيطي إلى التهديد السافر للصحفي فتحي بن لزرق بالقتل لا يجب أن يمر أو يخضع لأي حسابات صغيرة..الدفاع عن حرية الصحافة دفاع عن حريتنا جميعا
— معين عبد الملك Maeen Abdulmalek (@DrMaeenSaeed) June 8, 2020
وعلى المستوى العالمي نشرت منظمة ايفيكس الكندية عقب حادثة اغتيال نبيل القعيطي بيوم، مقالاً بعنوان “ما بين الاعتقال والاغتيال يستمر استهداف الصحفيين اليمنيين – مقتل المصور الصحفي نبيل القعيطي”، وأرفقت المنشور بصورة الشهيد القعيطي، نشرها في صفحته بالفيس بوك قبل يوم من اغتياله، مشيرة بذلك للتهديد الذي تعرض له، وأنزلت المنظمة المنشور تحت بند: Gulf Centre for Human Rights (GCHR) اليمن|حرية التعبير والقانون.
ثم استعرضت بالقول إن “مقتل المصور الصحفي نبيل القعيطي، وإلقاء القبض على الصحفي عبد الله عوض بكير، يسلطان الضوء على بيئة مقلقة، بشكل متزايد، للصحفيين في البلاد”، وتم نشر هذا البيان مع الصورة على موقع مركز الخليج لحقوق الإنسان بتاريخ 3 حزيران 2020م، تحت بنط عريض أسود وغامق وخط أبيض مائل، يوحي بالاضطراب مع الحزن المغلف بالقلق، وموضحاً أن هذه الصورة التي أشارت إليها المنظمة الكندية ” نشرت بتاريخ17 أيار 2020 على صفحة الصحفي اليمني نبيل القعيطي على الفيسبوك”، وأضاف المركز “والذي قُتِل بالرصاص في مدينة دار سعد”، ثم قال: (تصوير نبيل حسن/ فيسبوك/ وكالة الصحافة الفرنسية عبر Getty Images).)

أرسل الاتحاد الدولي للصحفيين ونقابة الصحفيين اليمنيين رسالة إلى أمين عام الأمم المتحدة، تحثه على اتخاد إجراءات لحماية حياة الصحفيين
وعقب ذلك قال مركز الخليج لحقوق الإنسان: “يساورنا قلق بالغ إزاء التهديدات التي يتعرض لها الصحفيون لقيامهم بعملهم في اليمن، بما في ذلك قتل مصور صحفي والاعتقالات المستمرة للصحفيين في جميع أنحاء البلاد”، وحث المركز السلطات اليمنية وجميع أطراف النزاع في اليمن على الإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحفي عبد الله عوض بكير وجميع الصحفيين الآخرين المحتجزين في اليمن، وطالب بفتح تحقيق فوري ومستقل ونزيه وشامل في مقتل نبيل القعيطي بهدف نشر النتائج وتقديم المسؤولين عنها للعدالة وفق المعايير الدولية، وشدد على إفراج جميع الصحفيين المحتجزين وسجناء الرأي الآخرين في ظروف إنسانية، وطالب بضمان السلامة الجسدية والنفسية للصحفيين وسجناء الرأي أثناء احتجازهم، وتمكينهم من الوصول إلى المحامين والزيارات العائلية والمكالمات، بالإضافة إلى التأكد من أن جميع الصحفيين قادرون على القيام بعملهم دون خوف من الانتقام وخالية من جميع القيود، بما في ذلك المضايقة القضائية واضطهاد أسرهم”.
وبحسب وكالة الأنباء الصينية “تشيخوا” التي بثت خبر اغتيال الصحفي نبيل القعيطي، مستعرضة كثير من الإدانات المحلية والعالمية “إن الحرب القائمة في اليمن تسببت منذ العام 2014، بمقتل 37 صحفياً فيما جرح العشرات، ويحتجز الحوثيون 16 صحفياً، فيما تحتجز القوات الحكومية 3 صحفيين، ولا يزال مصير صحفي يمني مجهولاً منذ اختطافه من قبل تنظيم القاعدة في أكتوبر 2015 من محافظة حضرموت شرقي البلاد، ويواجه أربعة صحفيين تحتجزهم جماعة الحوثي، حكم الاعدام بتهم متعددة”.
ودعت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة” (يونسكو)، أودري أزولاي في بيان نعيها للقعيطي “جميع الأطراف إلى الوفاء بالتعهدات، وفقاً لمعاهدات جنيف لحماية الصحافيين”، وأضافت “الصحفيون الشجعان مثل نبيل حسن يقومون بعمل مهم في إبقاء الأشخاص على اطلاع وتوثيق الظروف القاسية التي يشهدها هذا البلد، يتعين تقديم كل حماية ممكنة لهم”.
وكذلك صرحت منظمة “مراسلون بلا حدود” عقب اغتيال المصور الحربي نبيل القعيطي على يد المليشيات الإرهابية، بالقول “نُعرب عن أسفنا على تنامي العنف الذي يطال الصحفيين في البلاد”، وجاء على لسان سابرينا بنوي، مسؤولة المنظمة في مكتب الشرق الأوسط،: إن “اغتيال نبيل حسن أمر غير مقبول بتاتاً ويشكل ضربة أخرى للصحافة في اليمن”، وأضافت بنوي “بلغ الانقسام والاستقطاب الإعلامي نقطة حرجة، إلى درجة بات معها الصحفيون الهدف الرئيسي للهجمات والانتهاكات، بغض النظر عن المنطقة التي يعملون فيها”.
وبحسب ما نقله تلفزيون ربتلي “أدانت جماعة حرية الإعلام مراسلون بلا حدود، المعروفة بمختصرها الفرنسي RSF، مقتل “صحفي آخر في البلاد”، وأضافت المنظمة العالمية الشهيرة على موقعها في تويتر: “لا لقتل الصحفيين، لا للإفلات من العقاب لمرتكبي الجريمة والجهات المسؤولة…”.
وقال أنتوني بيلانجي، أمين عام الاتحاد الدولي للصحفيين: “لا زلنا قلقين بخصوص الوضع في اليمن، حيث يتم استهداف زملائنا بشكل منهجي ويعانون من أصعب عواقب الصراع. نقف متضامنين مع عائلة نبيل وزملائه وأصدقائه، وندعو إلى تحقيق العدالة في هذه القضية”
ومن جانبها قالت مؤسسة الصحافة الإنسانية (HJF) في بيان نعيها للشهيد المصور الحربي العالمي نبيل القعيطي “لم يكن غريباً أن تحتل اليمن المركز 167 من أصل 180 في قائمة أكثر الدول التي تُشكّل مخاطر على حياة الصحفيين وحرية عملهم، وفق التصنيف العالمي لحرية الصحافة التابع لمنظمة مراسلون بلا حدود، فإنها تُطالب المجتمع الدولي للقيام بواجبه تجاه حمايتهم وتوفير ظروف ملائمة لهم”.
وقالت مؤسسة أكون TOBE للحقوق والحريات “إن ما يتعرض له الصحفيون والإعلاميون في اليمن هو نتاج حملة منظمة وممنهجة ضد الصحفيين والناشطين تهدف الى قمع حرية الرأي والتعبير”، وطالبت أكون TOBE للحقوق والحريات في بيانها السلطات الأمنية والقضائية بإجراء تحقيقات حيادية من خلال تشكيل لجنة تحقيق تتولى التحقيق والمتابعة في عمليات القتل والتهديدات التي يتعرض لها الصحفيون والنشطاء، خاصة جريمة اغتيال الصحفي نبيل القعيطي، وتقديم المتورطين للمحاكمات العادلة لينالوا عقابهم”.
وأضافت “إن الصحفيين والناشطين في اليمن باتوا اليوم تحت خطر التصفيات جراء الصراع القائم بين الأطراف المختلفة، والذي يدفع ثمنه الصحفيون والناشطون، وإن الأمر أصبح بالغ الخطورة، وتجاوز كل مواضيع المنطق والعقل مع عجز السلطات الأمنية في توفير حماية للصحفيين والمدنيين بشكل عام”، ودعت أكون TOBE، وهي منظمة حاصلة على الصفة الاستشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة وهيئاته المختلفة، كافة الأطراف المتصارعة في اليمن لوقف خطاب التحريض والكراهية واستهداف الصحفيين والناشطين وكافة العاملين في المؤسسات الإعلامية واحترام حرية الرأي والتعبير.
وأكدت هذه التهديدات والانتهاكات صحيفة العربي الجديد اللندنية، حيث قالت عقب مقتل المصور نبيل القعيطي: “إن الصحفيين في اليمن يعانون من تنكيل بحقّهم، وممارسات تبدأ بالمنع من العمل وتصل إلى السجن والتعذيب”.
كما وثقت لجنة حماية الصحفيين الانتهاكات والهجمات التي استهدفت الصحفيين في عدن والتي تمت “على يد قوات حكومية وميليشيات وجماعات إرهابية وحكومات أجنبية، وقُتل ما لا يقل عن 17 صحفياً في اليمن منذ عام “”2014، طبقاً لأبحاث لجنة حماية الصحفيين.
الجدير بالذكر أنه في 16 أبريل / نيسان، أي قبل مقتل القعيطي بشهر ونصف، أرسل الاتحاد الدولي للصحفيين ونقابة الصحفيين اليمنيين رسالة إلى أمين عام الأمم المتحدة، تحثه على اتخاد إجراءات لحماية حياة الصحفيين والمطالبة بالإفراج عن جميع الصحفيين المسجونين في اليمن، ولم يكن في الحسبان إن يد الغدر تمتد إليهم إلى منازلهم وهم آمنون، وتغتالهم بين أسرهم وأولادهم، وهذا ما جعل الأمين العام للأمم المتحدة يذكر نبيل القعيطي بالاسم مصرحاً بسوء ما أقدم عليه القتلة، ومشيراً إلى الوضع المأساوي الذي وصل إليه اليمن تجاه الصحافة والصحفيين، حيث قال: “مقتل نبيل القعيطي مثال مأساوي على مخاطر تهدد الصحافة باليمن”.