مدارس حالمين.. رحلة ضوء وتاريخ مدنية .. الحلقة الثانية والثلاثون مدرسة الأطلال (مثعدة) للتعليم الأساسي

منطقة مثعدة منطقة جبلية نائية بالغة الصعوبة والوعورة تقع شرق جبل حرير ويحدها من الشرق قرى الجذء والمريدمي وعدنات التابعة إداريا للشعيب، ومن الغرب قرية عدينة، ومن الشمال قرية الحامورة ووادي بكئين مديرية الشعيب، ومن الجنوب قرية موقر م/حالمين.
ولقد بحثت عن اصل الاسم ( مثعدة)
فوجدت ان الجذر اللغوي ( ثعد) يعني الطراوة في التمر والبقوليات
ولعل الكلمة قديمة حميرية الأصل.
كانت منطقة مثعدة تتبع إداريا مديرية حالمين المركز الرابع المديرية الشرقية حتى عام ١٩٧٢م حيث تم ضمها إداريا إلى المركز الثاني من المديرية الشمالية الضالع المحافظة الثانية (لحج) ذلك المركز الذي اصبح فيما بعد مديرية باسم مديرية الحصين محافظة الضالع حتى اليوم . ولكن مثعدة تعد من قرى حالمين قبليا ولهذا دخلت مدرستها ضمن مجال موضوعنا الذي يؤرخ ويوثق لمدارس حالمين .
يبلغ عدد سكانها ٧٠٠ نسمة تقريبا وتعاني مثعدة من الهجرة الداخلية لعدد من سكانها الى الحواضر القريبة مثلما تعاني من شحة المياه حيث يضطر سكانها أحيانا إلى جلبه من منطقة عدينة المجاورة لها على ظهور الحمير لمسافة ثلاثة كيلومتر .
كانت منطقة مثعدة مشهورة بزراعة البن وتربية المواشي وبسبب تلوث التربة بالمياه المالحة بعد أمطار عام ١٩٨٢م حيث اصبحت أكثر ملوحة من مياه البحر مما أدى ذلك إلى هلاك شجرة البن التي كان عدد من فلاحي القرية يعتمدون عليها .
واعتنى الناس بتربية الحمير من أجل نقل المياه الصالحة للشرب من أماكن بعيدة كما ذكرنا .
يعتمد سكانها على الزراعة الموسمية مثل زراعة حبوب الغربة والذرة الرفيعة وعلى تربية الماشية والاغتراب والانخراط في السلك العسكري والمدني .
تبعد مثعدة عن عاصمة المديرية الحصين م / الضالع ٢٩ كيلو متر تقريبا، وتبعد عن عاصمة المديرية حالمين–حبيل الريدة–٤٩ كيلو متر تقريبا.
قبل الاستقلال الوطني المجيد كان أبناء منطقة مثعدة يتعلمون في في الكتاتيب على يد فقهاء المنطقة وأبرزهم الفقيه المشهور عبد الواحد عبيد حسن العقوري رحمة الله تغشاه الذي علم في عدة قرى في حالمين، تعلموا قراءة القرآن الكريم وحفظه وبعض أحاديث الفقه وعملية الحساب.
وبعد الاستقلال ١٩٦٩م وعند تأسيس المدارس جرى تأسيس مدرسة في منطقة عدينة فشرع اطفال مثعدة الذكور–فقط– يذهبون إلى مدرسة عدينة لطلب العلم تحت الأشجار وفي المسجد، لعدم تأسيس مدرسة في قريتهم مثعدة وحرمت الفتاة من التعليم لبعد المسافة والعادات والتقاليد والا فان الفتيات لسن كسيحات عن المشي مثل الاولاد .
** تقع مدرسة مثعدة في القرية نفسها تحديدا في مكان اسمه (نوبة الضيعة).
تعود اللبنات الأولى لتأسيس المدرسة الى عام ١٩٧٣م بعد معاناة ابناء تلك المناطق وبُعد المدارس المجاورة عن مناطقهم وعناء الأطفال من الرحيل يوميا إلى مدرسة عدينة تم بناء مدرسة من صفين دراسيين على حساب المواطنين تتبع مدرسة عدينة وقد تم استكمال بنائها عام ١٩٧٥م على أرض ترجع ملكيتها لأولاد المرحوم محسن عبيد يحيى الذين تبرعوا بها بدون مقابل فجزاهم الله خير الجزاء،وتم ارسال لها معلمين من مدرسة عدينة تعاقبوا على التدريس فيها في اعوام مختلفة وكان أول معلم خدم فيها هو المعلم صالح
عبد الله السوداني من الظاهرة حرير لمدة عام دراسي،وكان يدرس الصف الأول والصف الثاني والعام الذي بعده كان يدرس الصف الثاني والصف الثالث،واما الصف الرابع فكان ينتقل تلاميذه إلى مدرسة عدينة لمواصلة دراستهم .
وأهم المناطق التي يدرس ابناؤها في هذه المدرسة هي :
مثعدة، والريد الأعلى،والريد الاسفل، وسد وغيرها .
وهكذا استمرت الدراسة في الصفين الدراسيين لمثعدة– التابعة لمدرسة عدينة– حتى عام ١٩٩٨م صفين لا ثالث لهما كانما توقفت عجلة التطور في هذه القرية المهمشة ، وبعدها تم سحب آخر معلم من المنطقة وهو الأستاذ مثنى طاهر من قرية القرمة حرير وتوقفت الدراسة في قرية مثعدة في ذلك العام وما بعده فاضطر أبناء منطقة مثعدة العودة إلى مدرستهم الأم–مدرسة عدينة حتى تم بناء مدرسة في القرية عام ٢٠٠٧م مستقلة عن مدرسة عدينة .
كان الطلاب بعد إنهاء الاعدادية في مدرسة عدينة ينتقلون لمواصلة دراستهم في مدرسة خلة–مدرسة الشهيد فيصل منصر– ثم مدرسة النجمة الحمراء في لحج لمواصلة التعليم الثانوي حينذاك وبعد تأسيس التعليم الثانوي في منطقة حرير كانوا ينتقلون إلى مدرسة الحوطة حرير،فاما حاليا فقد تم فتح التعليم الثانوي في منطقة عدينة وطلاب مثعدة يواصلون باقي تعليمهم الأساسي و الثانوي في مدرستهم الأم–مدرسة عدينة.
المعلمون الذين تعاقبوا في التدريس في منطقة مثعدة في الصفين الدراسية التابعة لمدرسة عدينة منذ بنائها حتى تم بدء الدراسة عام ٢٠٠٧ م في مدرسة مثعدة المستقلة هم :
١-صالح عبد الله من قرية الظاهرة حرير
٢–سيف طاهر شعفل من قرية حجلة حرير
٣-عبد الحميد احمد شائف
٤–فضل محمد عبيد
٥–محسن محمد عبيد .
وهؤلاء الأربعة من قرية الظاهرة حرير
٦–مثنى طاهر من قرية القرمة حرير
٧–عبد الواحد عبيد حسن من قرية مثعدة
٨–عبد الرحمن من منطقة شكع الضالع.
في عام ٢٠٠٢م تم ترميم الصفين القديمين على نفقة المغتربين وعلى رأسهم قاسم طاهر أحمد رحمه الله وإخيه عبد الرحمن طاهر احمد وراشد علي سيف ، حيث تم شراء خشب ونوافذ، وباقي الأعمال قام بها المواطنون في المنطقة،ولكن تلك الصفوف سالفة الذكر لم يتم فيها تعليم الطلاب ولكنها رممت وخصصت لتعليم محو الأمية للنساء.
وفي عام ٢٠٠٢م تم تأسيس مدرسة مثعدة بطريق رسمية حيث يعتبر ذلك العام هو ميلاد مرحلة جديدة في تلك المناطق باعتماد بناء مدرسة من ثلاثة فصول مع الملحقات على حساب تطوير التعليم الأساسي وبمساهمة مجتمعية 5 %بجهود الأستاذ الدكتور يحيى الشعيبي وزير التعليم العالي حينذاك وبمتابعة من قبل الشخصية الاجتماعية المعروفة الشيخ محمد أسعد راشد الذي بذل جهود مضنية في متابعة وبناء المدرسة مع بعض الخيرين والمخلصين من أبناء المنطقة والتي تم استكمال بناؤها عام ٢٠٠٦م على أرض بجوار المدرسة القديمة تبرع بها أولاد محسن حسين سالفي الذكر بدون أي مقابل .
وبمساهمة المجتمع قام المواطنون بتسوية أرضية المدرسة وتوفير 1500 حجر.
تم تسمية المدرسة عند تأسيسها بمدرسة الأطلال وسميت بهذا الاسم لأنها بنيت على أطلال وآثار قديمة مازال بعضها شاخصا حتى يومنا هذا.
المعلمون الذين علموا في المدرسة منذ تأسيسها رسميا ٢٠٠٧م حتى يومنا هذا هم :
١–يحيى علي صالح الجعبي من قرية مشيرعة وهو أول معلم و مدير للمدرسة من عام ٢٠٠٧م إلى يومنا هذا.
٢–نوال قائد احمد قاسم من قرية مثعدة حالمين والتي تعاقدت معها منظمة المشروع السريع giz عام ٢٠١٠م وتم تأهيلها حتى تم توظيفها في المدرسة في غرة يناير ٢٠١٣م .
ونتيجة للنقص التي تعاني منه المدرسة من المعلمين جرى التعاقد مع مجموعة من المتخرجات في المنطقة وفي مراحل مختلفة وهن المعلمات الآتيات:
١–حنان قائد احمد قاسم من قرية مثعدة حالمين عام ٢٠١٢م و٢٠١٣م ثم تعاقدت عام ٢٠١٦م مع منظمة اليونسيف ومازالت حتى اليوم
٢–هيلة هادي عبيد
٣–شفاء صالح هادي وهما
من قرية مثعدة .
تعتبر مدرسة الأطلال مدرسة غير منتظمة يدرس فيها إلى الصف الثالث ابتدائي ثم ينتقل الطلاب إلى مدرسة عدينة لمواصلة دراستهم الأساسية والثانوية.
المعوقات التي تعاني منها المدرسة
—————————–
تعاني المدرسة من معوقات ونواقص أثرت في سير العملية التعليمية في المدرسة وأهم تلك المعوقات تتلخص في الآتي:
–نقص المعلمين بالرغم من وجود مبنى مدرسي ممايضطر طلاب الصف الرابع إلى الذهاب إلى مدرسة عدينة.
–نقص الكتب الدراسية.
— الحالة المعيشية الصعبة التي يعاني منها الجميع والتي أثرت سلبا على سير التعليم في المدرسة.
–بُعد المدرسة عن مركز المديرية ووعورتها وصعوبتها أثر على العملية التعليمية بشكل خاص والسكان بشكل عام.
خلاصة القول الشكر لكل المخلصين من أبناء المنطقة وغيرهم الذين بذلوا جهودا جبارة في بناء المدرسة وعلى رأسهم الشخصية الاجتماعية المعروفة الشيخ محمد أسعد راشد والحاج فضل محسن حسين، وكذلك أعضاء الجمعية الخيرية لمنطقة عدينة والقرى المجاورة لها، وعلى رأسهما الأخ مساعد راشد ناجي ومحمد عبد الله محمد.
والشكر للقائمين على هذا البحث الرائع في تدوين تأريخ مدارس حالمين في أي مكان صغرت أم كبرت الذين وصلوا إلى هذا الكنز الثمين وبذلوا ومازالوا يبذلون الجهود الجبارة للوصول إلى الهدف المنشود نتمنى لهم التوفيق والسداد.
تعليق عام
يبدو ان قرية مثعدة ومدرستها اكثر معاناة مما تناولناه في الحلقات السابقة لمدارس حالمين التي نكاد ننتهي منها ، فلا توجد مدرسة على مستوى حالمين كمديرية ظل التعليم
فيها على هذا النحو الثابت من غير زيادة في عدد الفصول وعدد المعلمين وغير ذلك فضلا عن توقف هذه المدرسة سنوات طويلة حين كانت تتبع مدرسة عدينة وسحب آخر معلم منها عام ١٩٩٨م
ونستطيع ان نقول ان مدارس حالمين التي تتبع مديرية الحصين
تعثرت مسيرتها التعليمية مثل الظبية
ومثعدة وغيرهما ربما بسبب بعدها عن عاصمة المديرية وضعف اهتمام
مكتب التربية بهذه المدارس القصية .
نأمل من سكان قرية مثعدة ان ينهضوا بتطوير مدرستهم فهي بعد هذه السنين تستحق على الاقل ان تكون مدرسة اساسية مكتملة حتى الصف التاسع لتخفيف معاناة الطلاب
وتمكين الفتيات من حقهن في التعليم وذلك من خلال متابعة الجهات المختصة في المديرية والمحافظة ومن خلال دعمهم للتعليم
و المعلمين والمبنى المدرسي.
كما انني لا اجد تسمية ( مدرسة الأطلال مناسبا) لهذه المنشأة التربوية فالتعليم بناء وتقدم وليس بقايا أطلال ولهم ان يغيروا اسم هذه المدرسة الى تسمية مناسبة ترتبط
باحد رموزها سواء اكان فقيدنا او شهيدا من معلميها او طلابها او المواطنين الذين اسسوها ودعموها .
إعداد:
الأستاذ محمد مانع ناصرالتامي،
والشيخ محمد أسعد راشد العقوري
تحرير ومراجعة د. عبده يحيى الدباني.




