ابتسامة القعيطي ابتسامة وطن جريح
هذه الصورة أنزلها صاحب محل تجاري جديد، ويبدو أنه ناشط سياسي ومن أصحاب الحس الوطني والشعور النبيل، كاتباً تحت الصورة مقالاً مقتضباً رائعاً ينمي عن أصالة، جاء فيه: (زيارة مفاجئة أسعدتنا رغم الأيام الحزينة والمواقف المحزنة التي أبكتنا وزاد جرحنا فيها، اليوم وقفت سيارة أمام المحل ونزل منها رجل ومعه طفل، فخرج ينظر للوحة التجارية، فخرجت إليه وقلت له: تفضل، قال: أنت يافعي؟ قلت: لا. فرد : فلم أسميتم المحل ابتسامة القعيطي، فرددت عليه: حباً في الشهيد الإعلامي نبيل القعيطي الذي أسعدنا كثيراً بابتسامته اللطيفة، فقال لي والحزن بادياً عليه وفي عينيه: أسأل هذا الطفل لمن الصورة التي في البورت، فتقدمت وسألت الطفل: من هذا؟! وهنا كانت الصدمة عندما أجاب الطفل بصوت خافت: هذا بابه ووو… لم يستطع الكلام أكثر من ذلك أو كبح الدموع…. نعم هذا الشبل من ذاك الأسد، هذا الطفل هو ابن الشهيد الإعلامي نبيل القعيطي- رحمة الله عليه- فالله يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان).
انتهى كلام ذلك الأصيل الوفي النبيل عن الشهيد النبيل، وأكاد أجزم أن المحبة التي نالها الشهيد وزرعها في قلب هذا الرجل هي محبة إلهية أنزلها الله في قلوب الناس جميعا عرباً وعجما، ولكن هناك أوفياء وهناك متصنعون للحب والوفاء، والأوفياء قليل هم في زماننا هذا المليء بالمغالطات والمتناقضات الكثيرة، فنبيل- الله يرحمه- كان وفياً مع الكل، مخلصاً في عمله الصحفي لوطنه ولقضية شعبه، وقدم روحه فداء لذلك، عاش شجاعاً مقداماً ومات مبتسماً كابتسامة الوطن الجريح راضياً عنه الكل، وهو كذلك راض عن عمله وما قدمه لوطنه وللجميع، ولكن أين هو اليوم من قلوب ساستنا وقادتنا؟!
أقولها وبمرارة، لقد أصبح الشهيد نبيل القعيطي في نظرهم ونظر جل من يحملون القضية الجنوبية إن لم نقل كلهم نسياً منسياً، نعم هذه الحقيقة التي ينبغي التصريح بها اليوم بعد مضي عام على استشهاده ورحيله دون أن يقتص لدمه أو حتى إظهار بعض الود والمتابعة الجدية لفتح ملف قضيته أمام الأجهزة الأمنية والنيابات والمحاكم، فقضية الشهيد النبيل غدت، أيها الإعلاميون الشرفاء ويا أصدقاءه الأجلاء ويا قادتنا النجباء، كنبيل نسياً منسياً ولم تحرك ساكناً، وهناك من يريد لها أن تكون
كسابقاتها رغم خيوط الجريمة الكثيرة، رغم الكاميرات التي وثقت الحادثة، رغم وجود أدوات الجريمة من سيارة وغيرها، رغم وجود أسماء كثيرة فيها أمر قبض قهري وإلى اليوم لم يقبض على واحد منهم، بل تم إخلاء سبيل جميع المشتبهين، ومع ذلك دعونا من هذا الأمر فهناك لجنة متابعة، صدرها واسع وعقلها حكيم وستصل بإذن الله إلى مبتغاها طال الوقت أم قصر، لكن ما يحز في النفس هو الصمت المطبق من قبل إعلامينا وقادتنا وساستنا ومن وكلناهم أمرنا ليس في هذا الأمر فقط وإنما في كل ما يخص أمر الشهيد النبيل، فإلى اليوم لم يؤبن، ولم ينتصر له ولدمه وروحه الطاهرة التي أزهقت جرماً وهو يخوض مع قواتنا الجنوبية ومجلسها الانتقالي غمار معركة الحسم واجتثاث الإرهاب في أبين الأبية.
نعم عام مر من يوم استشهاد الصحفي نبيل القعيطي صاحب الابتسامة اللطيفة، والذي كان يصول ويجول بكاميرته من ٢٠٠٧م في كل أحياء عدن وأرجاء الجنوب لتوثيق الانتهاكات السافرة التي كان يمارسها نظام صنعاء القمعي على أبناء عدن والجنوب، كما وثق حرب عدن في ٢٠١٥م وخاض مع المقاومة والقوات المسلحة الجنوبية كل معارك التحرير ضد الغزاة الطامعين لأرض الجنوب حتى استشهد، واليوم بعد رحيله لم ترفع له صورة كما يفعل لبقية الشهداء، ولم تعط له ولصورته لوحة من لوحات شوارع عدن الممتلئة باللوحات الإعلانية التجارية الفارغة التابعة لشركة هائل سعيد، ولم تقم له أي فعالية تليق به وبمكانته المحلية والعربية والعالمية، وإني على يقين أن الذكرى السنوية الأولى لرحيله والتي ستكون بعد عشرة أيام من اليوم، ستمر مرور الكرام كما مرت الأربعينية والمئوية وغيرها، ستمر رغم الخطابات الكثيرة التي تم رفعها لقيادتنا، فالواجب الوطني والإنساني يا قومنا وقادتنا وسادتنا وإعلامينا يحتم الوفاء للشهيد النبيل، فقد كان وفياً مع الكل؛ وثق كل أعمالكم ومعارككم واحتفالاتكم، وخلد ذكرا طيباً ونضالاً مشرفاً يفخر به كل الجنوبيين، فلم تستكثرون عليه بعد رحيله رفع صورته أو عمل فعالية تليق به، أو طباعة كتاب يخلد ذكره وسيرته… فهذه أمور بسيطة جداً، وهي وعودكم في الأول والأخير، ومن العار أن تصبح ضمن مطالبنا ولا تجد آذانا صاغية أو أي اهتمام يشعرنا بأنكم مع الشهيد كما كان معكم، وإنكم أصحاب واجب يستحق الشكر والإجلال والتقدير.
د. أمين القعيطي
المتحدث الرسمي لأسرة الشهيد نبيل القعيطي
٢٢/ ٥/ ٢٠٢١م