كتاب «نبيل القعيطي .. شهيد الكلمة..ابتسامة وطن» – الحلقة التاسعة عشر (لماذا قتلوا صاحب البسمة.. حامل لواء الحقيقة؟! 6 -7)

كتاب «نبيل القعيطي .. شهيد الكلمة..ابتسامة وطن» – الحلقة التاسعة عشر (لماذا قتلوا صاحب البسمة.. حامل لواء الحقيقة؟! 6 -7)

الباعث السادس: ضمن مسلسل اغتيال الكوادر الجنوبية

وهناك كثير من الكتاب والإعلاميين والمحللين السياسيين الجنوبيين والعرب يعدون اغتيال المصور الحربي نبيل القعيطي جزءاً من مسلسل الاغتيالات السياسية التي طالت كوادر أبناء الجنوب، والتي بدأت منذ العام 1990م  بعد تحقيق الوحدة المشؤومة، بحسب وصف الصحفي الجنوبي عادل المدوري، رئيس تحرير الجريدة بوست، وصرح بهذا القول في جريدة اليوم الثامن، قائلاً:

“مازال مسلسل الاغتيالات السياسية ضد أبناء الجنوب مستمراً، ومتطرفو الإخوان معروفون باللجوء إلى الاغتيالات كأسلوب قذر في حربهم ضد خصومهم، بل إنهم مارسوا الاغتيال أمام الكاميرات داخل مؤتمرهم في صنعاء للشهيد جارالله عمر، والقاتل يجلس في الصفوف الأمامية وعلى يمينه ويساره قيادات عليا بارزة في حزب الإصلاح على رأسهم عبدالله بن حسين الأحمر”.

اغتيال المصور الحربي نبيل القعيطي جزءاً من مسلسل الاغتيالات السياسية التي طالت كوادر أبناء الجنوب، والتي بدأت منذ العام 1990م  بعد تحقيق الوحدة المشؤومة

وأكد ذلك بقوله:ولدى متطرفي الإخوان فتاوى تمنحهم الحق في استخدام الإغتيال كوسيلة تساعدهم للوصول إلى بسط نفوذهم على الآخرين، منطلقين من أحكام “المفسدة الكبرى والمفسدة الصغرى”، وتصنيفهم العنصري لأبناء الجنوب، وهم الحق والفرقة الناجية وولي الأمر والأصل، والآخرون عدو صائل وخوارج العصر، وليس لهم حرمة في دمائهم وأرواحهم وأموالهم، ومن حق متطرفيهم قتل الجنوبي وسلبه ماله لمجرد كونه جنوبياً”.

ويؤكد كلام المدوري تصريح الإعلامي العربي المخضرم توفيق جازوليت، مراسل قناة MBC أيام حرب صيف 1994م على عدن والجنوب، حيث جاء في بيان نعيه للشهيد: “إن استشهاد نبيل القعيطي يعيد ذاكرتي إلى تلك الحرب الظالمة التي أطلق شرارتها الرئيس اليمني الشمالي علي عبد الله صالح معتمداً على ميليشيات الإصلاح الإرهابي وقوات من الإخوان المسلمين بالتحديد من السودان وأفغانستان، وكانت التقارير التي دأبت على إرسالها إلى محطة MBC من المواقع الأمامية خلقت رعباً عند القيادة السياسية والعسكرية اليمنية الشمالية؛ مما حذا بالزنداني المنظر والقيادي للإصلاح أن يصدر فتوى في قتلي باعتباري كافراً من وجهة نظره… غير أن  إرادة الخالق حالت دون تحقيق مبتغاه، أما الشهيد البشوش نالت من  حياته أيادي غادرة بأوامر من الشرعية الفاقدة لشرعيتها.. أن تلجأ عناصر الإرهاب الإخوانية لاغتيال صحفي لمجرد أنه ينقل الحقيقة، فهذا لا يعني إلا أن ميليشيات الإصلاح الإخوانية أصبحت في أضعف حالاتها، وعلى الجنوبيين الإسراع ‏ بتحرير أبين وشبوة، لأن هذا العدو يهاب المواجهة، ويتفنن في الغدر”.

وكذلك صرح اتحاد طلاب الجنوب في الهند في بيان نعيهم للشهيد، حيث جاء في مستهل البيان إن هذا الاغتيال “يعد امتداداً للاغتيالات التي طالت الكوادر الجنوبية بعد إعلان الوحدة المشؤومة التي جنى منها شعب الجنوب الدمار والنهب للثروة والقتل لكل مثقف جنوبي يقف ضد تطلعاتهم وأهدافهم المبيته ضد الجنوب وشعبه”، وأضاف البيان بلغة التحدي “لن يثنينا إرهابكم وخلاياكم النائمة إلا عزيمة وتماسكاً وإصراراً على تحقيق هدفنا في التحرير والاستقلال؛ حيث لم يتبق لإعلانه إلا تفعيل مقعد دولتنا في الأمم المتحدة، والإعتراف الدولي، فلم تكن عملية الاغتيال الجبانة للإعلامي والمصور الصحفي الشهيد نبيل القعيطي إلا عملية إرهابية معبرة بالصوت والصورة عن حقدكم لكل إعلامي جنوبي ينقل الحقيقة بثقة وابتسامة، وقد أوجعتكم تغطيته الإعلامية بابتسامة النصر، والثقة بقول الحقيقة التي عرت  أكاذيبكم الإعلامية أمام العالم أجمع.

مصابنا جلل، ولكن يجب أن تعلموا بأن أرض الجنوب لديها الكثير من الكوادر والإعلاميين السائرين على الدرب الذي سار عليه شهيدنا، شعب الجنوب ولاد بالرجال الأبطال، ولديه كوادر بارعة في الصحافة والإعلام، متخصصه وغير متخصصه، وهي التي وقفت وبقوة،  وعرت أكاذيبكم وانتصاراتكم الوهمية من سابق، وستقف حجر عثرة أمام أقلامكم المسمومة في بث روح المناطقية بين أبناء الجنوب”.

وبلغة المنطق والنصح قالت الناشطة الجنوبية نعمة علي أحمد السيلي في مقالها السابق الذكر: “ياسادة إن الواقع الذي نعيشه يحتم علينا جميعاً  الابتعاد عن تصنيف المخالف والتشريع لقتله من قبل تجار الحروب  ومن نصبوا أنفسهم شريعة الله على  الأرض، والقتل باسم الدين  دون خشية أو وجل من الله  وقيم ومبادىء وأخلاق ديننا الاسلامي وشريعته السمحاء،  متى  يا سادة سنخرج من دائرة استباحة دم صاحب الكلمة والرأي المختلف، ومتى سيقتنع الجنوبيون بالابتعاد  عن التخوين، ورمي التهم طالما أن الهدف واحد والمصالح مشتركة؛ لذا علينا نقوي أواصر التلاحم الوطني الجنوبي،  لمواجهة التحديات التي تعصف بالجنوب أرضا وإنسانا.

لماذا نعيش في صراع دائم بينما أعداؤنا يترفعون عن خلافاتهم، ويتوحدون بالرغم من معاناة شعبهم، ولا هدف لهم سوى كسر الجنوب أرضا وإنساناً، نسوا معاناة مواطنيهم وحرمة أعراضهم، وحركوا ألويتهم التي ظلت في استراحة محارب بالرغم من أساليب الذل والمهانة التي يمارسها الحوثيون على أبناء جلدتهم،  أليس الأجدر بنا أن نسمو ونترفع عن خلافاتنا، ونفكر بطريقة تفكيرالقوى الشمالية التي جعلت غزو الجنوب واحتلاله يتصدر سلم أولوياتهم حتى على كرامة وعزة أبناء جلدتهم.

يا سادة،  حساباتهم ليس فيها توجه وطني باسم الوحدة التي جعلوها شعارهم، فلقد غدروا بعفاش عندما تعارضت مصالحه مع مصالحهم، وظهرت أحقادهم، وقدموه قرباناً للحوثيين حتى لم  تشفع له عطاياه التي تجاوزت حدود المعقول بمنحهم الثروات السيادية من آبار نفط ومناجم ذهب الوحدة، لا مكانة لهذا في أجندتهم، ولكن ما كسبوه من الوحدة غايتهم، حتى وغن أصبح الجنوب أثراً بعد عين، فهل استوعبنا الدرس”.

واضاقت: “لماذا قتل نبيل وسلاحه الكلمة والصورة؟! نريد إجابة لهذا الغموض في ظل تشدق الجميع بحق التعبير عن أرائنا وأفكارنا ومواقفنا لتنمية ثقافة التعايش والتسامح والقبول بالآخر على مبدأ الاختلاف ونبذ ثقافة الحقد والكراهية حتى نعيش في وئام وسلام،  ولكن من المؤسف أن البعض يتخد  منه ذريعة للعدواة والخصومة، ألا نحسن أن نكون إخواناً، كما  قال الإمام الشافعي، الظاهر أن بعضنا يجهل الفرق بين السياسة والخصومة، وأعطينا العدو فرصة النهش فينا حتى وصل إلى أخطر مرحلة، وهي القتل وجعلنا جبهات للمواجهة في الحنوب، وشعلة من نار للثأر، وتركنا له فرصة التعامل مع الحوثيين بالطريقة التي يريدها، سواء كان بالحل السلمي أوالتوافق على كيفية تدمير وزعزعة الأمن والأمان، وإقلاق السكينة العامة في الجنوب، لمصلحة مشتركة تجمع قواه، متى سنفوق من غفلتنا”.

 

أهم الشخصيات السياسية التي اغتالها الإخوان: النقراشي باشا رئيس وزراء مصرعام 1948 م، ورئيس مصر أنور السادات عام  1982م، وفرج فوده عام 1992م، والنائب العام هشام بركات، ومحاولة اغتيال جمال عبدالناصر، واغتيال الإعلامي  البارز زميلنا نبيل القعيطي 2020م

وبنفس اللغة التي تحدثت فيها السيلي، فند عادل المدوري سلسلة من الأدلة تثبت تورط الإخوان بمسلسل الاغتيالات التي طالت الكوادر الجنوبية، ناصحاً القيادات الجنوبية والأجهزة الأمنية في أخذ الحيطة والحذر من القادم، حيث قال: “أغلب حالات الاغتيال التي ينفذها متطرفو الإخوان ضد قياداتنا وكوادرنا الإعلامي ة والسياسية والعسكرية في السنوات الأخيرة حدثت في عدن، وليس في خارجها، لذلك فإن عمليات الاغتيال هذه تجد تفسيرها التالي:

أولاً: مازال عمل الخلايا النائمة قوياً، ويشكل خطراً على قضيتنا الجنوبية، فعملية اغتيال المصور الحربي الشهيد نبيل القعيطي وسط الشارع خطر داهم يقرع أجراس الإنذار في مديريات دار سعد والممدارة والشيخ عثمان والمنصورة، ومنذ العام 2015م، وهذه المناطق تشهد مسلسل اغتيالات مستمر، ويفترض أن الخطط الأمنية التي نفذت قد نجحت، لكن الواضح أن الإرهاب مازال قائماً والاغتيالات مستمرة، وعلى الأجهزة الأمنية وقوات مكافحة الإرهاب والدعم والإسناد بعدن بسط سيطرتها الكاملة فوراً فمساحة عدن ليست كبيرة يصعب السيطرة عليها.

ثانياً: إيلاء متطرفي الإخوان أهمية كبيرة للإعلام والإعلاميين في المعركة، فاغتيالهم للمصور القعيطي في الوقت الذي كان يغطي فيه أخبار المعارك في أبين دلاله على تعاملهم مع الإعلاميين والوسيلة الإعلامية كأنها وسيلة حرب، على عكس الجنوبيين الذين يتعاملون مع الإعلاميين المعادين والمحرضين ليل نهار في عدن كمجرد أقلام مأجورة وأبواق مدفوعة لاغير، يصولون ويجولون بعدن بحماية الأجهزة الامنية.

ولقد فرض علينا متطرفو الإخوان عبر الخلايا النائمة وفرق الاغتيالات والتصفية الجسدية بعدن حرباً مفتوحة، وبالتالي يتوجب علينا أن نكون بمستوى الحدث، وعلينا تقييم الجانب الأمني بشكل مستمر، فهناك دماء غالية فقدناها في حرب الاغتيالات، ولم تجد تلك الخلايا صعوبة في تكرار تجاربها السابقة في تنفيذ واغتيال العشرات، والحبل على الجرار والكل مستهدف، وماتزال تلك الجماعات تستثمر في ضرب نقاط ضعفنا وتحقق عصفورين بحجر، التخلص من الخصوم ونقل صورة للعالم بأن الأمن مفقود في عدن وسلطات المجلس الإنتقالي فشلت في توفير حماية وخدمات للناس، وكان بالإمكان تدارك الوضع الأمني مبكراً والحفاظ على القيادات والكوادر الجنوبية لو نفذنا العقوبات الصارمة لكل المخلين بالأمن، ومتابعة المشتبهين، ومداهمة أوكارهم، فمن أمن العقوبة أساء الأدب.

وبالتالي بعد حادثة إغتيال الشهيد نبيل القعيطي، إما أنه آن الأوان لفرض القبضة الأمنية الحديدية، أو أننا سنطبطب على أنفسنا ونترك خلايا الإخوان الإرهابية يستمرون في استخدام وسيلة الاغتيالات القذرة ضد مناضلينا وقياداتنا وكوادرنا الإعلامية مستغلين تساهلنا وعدم استيعابنا للدروس القاسية التي يواجهونا بها.

ونختم هذه الجزئية بما صرح به الكاتب والصحفي السعودي سامي العثمان في مقال له ينعي من خلاله الشهيد القعيطي، حيث قال عن انتهاج الإخوان هذا النهج التكفيري في اليمن الشمالي وغيره من الدول العربية لتصفية خصومهم: ” دولة مثل اليمن الشمالي والتي يكثر في مفاصلها الجهل، استغل الإخوان هذا الأمر منذ زمن بعيد، وربما اليمن تعتبر المعقل الثاني بعد مصر للفكر والمنهج الإخواني التدميري الإرهابي، وذلك من خلال سياسة مايسمى “العقول البيضاء”، والذين لايعتتقون سياسة وفكر معين نتيجة لجهلهم، وهم كثر والهدف صناعة عقل يؤمن أولاً بالسمع والطاعة للفكر الإخواني الذي يتمحور في “صناعة الموت” تحت شعارات فضفاضة ببعض المصطلحات الدينية المغلوطة تلامس أهداف الإخوان الشيطانية.

ولهذا صنعت في اليمن أجيال إخوانية إرهابية تدين لهم بالسمع والطاعة، فضلاً عن إقناعهم، وكما تفعل الصفوية الفارسية المجوسية في مسألة “مفاتيح الجنة” التي تعتمد على صناعة الموت للآخرين لدخول الجنة، كل ذلك الجهل المدقع الذي عشعش في عقول الإرهابيبن إخوان اليمن يعتمد في مجمله على تغيب العقل وإلغاء التفكير، تلك كانت رسالة حسن البنا المشهورة، والتي يعرفها الجميع ، فضلاً أن حسن البنا غرس في فكر الجهال فكرة تقول “إن العضو بين يدي مرشده كالميت بين يدي مغسله”، وشعار “اترك عقلك واتبعني”، وهذا الفكر التدميري هو المتبع في نهج الإخوان كما قال العثمان: ” منذ أسس حسن البنا جماعة الإخوان الإرهابية ثم انضم إليهم المفكر التخريبي الظلامي سيد قطب والجماعة تنتهج في أسلوب الاغتيالات، وتصفية البشر على الهوية غير الإخوانية بغض النظر عن الاختلاف معها، إنما كان ولايزال ذلك الأسلوب مستمراً لإظهار إرهابهم، وخلق الرعب والخوف والهلع لدى الآخرين، والتمدد وفرض الخوف كأسلوب قمعي لمن يختلف معهم، هذا ماسطره التاريخ منذ النشأة وحتى وقتنا الحاضر، وأهم الشخصيات السياسية التي اغتالها الإخوان: النقراشي باشا رئيس وزراء مصرعام 1948 م، ورئيس مصر أنور السادات عام  1982م، وفرج فوده عام 1992م، والنائب العام هشام بركات، ومحاولة اغتيال جمال عبدالناصر، واغتيال الإعلامي  البارز زميلنا نبيل القعيطي 2020م، كل هؤلاء الشهداء غيض من فيض من شهداء تم اغتيالهم بأيدي الغدر والخيانة الإرهابية الإخوانية…  ويبقى السؤال الأهم ماذا استفاد الإخوان من كل تلك الاغتيالات؟! وماذا حققوا؟! وماذا غيروا؟! والى ماذا وصلوا؟!

 

Author

CATEGORIES