كتاب «نبيل القعيطي .. شهيد الكلمة..ابتسامة وطن» – الحلقة الثامنة عشر (لماذا قتلوا صاحب البسمة.. حامل لواء الحقيقة؟! 5 -7)

الباعث الخامس: التوتر الأمني وضعف الاستخبارات
وهناك من يرجع سبب اغتيال نبيل القعيطي إلى التوتر الأمني وضعف بعض أجهزة الأمن في عدن، وعدم وجود حماية كافية للناشطين والصحفيين المنحازين للقضية الجنوبية ومجلسها الانتقالي، وهذا الرأي هو الطاغي على الإعلام المحلي الجنوبي، لاسيما الناشطون الإعلاميون والسياسيون الجنوبيون في مواقع التواصل الاجتماعي، ففي هذه المواقع كان الاستنكار والشجب والغضب على أشده، موجه توجيهاً مباشراً على أجهزة الأمن في عدن؛ فمنهم من دعا بلغة الرفض والاستهجان أجهزة الأمن في عدن للقيام بدورها وأداء واجبها وإلا فهي المسؤولة عما يحصل، وعلى رأس هؤلاء الناشط الإعلامي والسياسي صلاح الطفي، حيث قال مستهجناً: “اغتالت أيديي الغدر والارتزاق والخيانة وخلايا الوحدة أو الموت الكامنة في قلب عدن الزميل العزيز والمصور الصحفي العالمي نبيل القعيطي أمام بيته نهاراً جهاراً، ونخشى أن يختفي القتلة وسياراتهم كفص ملح ذاب وسط عدن وفي مديرية لا تزيد مساحتها عن 50كم مربع”.

نبيل القعيطي يبتسم في خطوط النار
وأضاف الطفي ” عندما وصلني كما وصلكم صوت أخ الشهيد نبيل القعيطي، وهو يصرخ وبين يديه أخوه المضرج بالدماء، وهو يستجدي ويقول “اتصلت ولم يبادر أي طقم لإنقاذ الشهيد وانقاذنا”، ثم يستهجن الطفي “كيف تتقاطر عشرات الأطقم على بقعة أرض، وهذه ظاهرة اشتهر بها حماة الحرامية ولصوص الأراضي، حيث وصل أجر الطقم اليومي إلى 200 ألف ريال غير صرفة وقات الجباة الذين هم ومن يغريهم بسخاء ممن يبسطون ويشترون الأراضي المنهوبة ومن حيث يدرون أو لا يدرون، شركاء في تمويل عصابات القتل والإرهاب بأموالهم التي يصل كثير منها إلى أيدي من يمول ويخطط للخلايا الساهرة المترصدة القاتلة، وما قتلة الشهيد النبيل نبيل القعيطي عن ذلك ببعيد، سيقول قائل مش وقته كما سبق، وأقول له الطابور الخامس أخطر من العدو؛ فهذا المجاهد نبيل القعيطي له في خط المواجهة منذ بدء هجوم العدو، كان يرسل لنا وللعالم ابتسامته قبل أفلامه من قلب الجبهة آمن مطمئن، ثم يغتال عند باب داره في دار سعد التي تحولت إلى دار حزن على نبيل النبيل، وعلى ألف نبيل ممن اغتيلوا وانطلق قتلتهم من دار سعد ومحيطها، واختفوا كذلك”.
وعن هذا الوضع الأمني المنفلت يقول الإعلامي والقيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي صلاح بن لغبر، في تغريدة له عقب مقتل القعيطي أنه “أبلغه نبيل بتحركات مشبوهة لعناصر من تنظيم القاعدة تتبعالميسري، فأبلغ الأمن بذلك، ومع ذلك لم يعملوا أي احتياطات أمنية تدفع وقوع الجريمة، بل تمت في وضح النهار، وهذه تغريدته كما أنزلها:
أبلغني نبيل القعيطي قبل نحو أسبوع ان مجرمين يحومون حول منزله ويراقبونه
ويتبعون قيادي تابع للميسري من ابناء دار سعد ويتواجد الآن في شقرة ضمن تشكيلات جيش تنظيم الاخوان المسلمين.
وقد أبلغت الجهات المختصة يوم أمس باسمه وبباقي التفاصيل.— صلاح بن لغبر (@benlaghbar) June 3, 2020
ولعل هذه التغريدة التي ترجمها الصحفي حسين الحنشي بالاستفزازية كانت السبب في خروجه عن صمته بعد توقفه إثر مقتل زميله نبيل القعيطي، فأنزل منشوره الرائج تحت عنوان “اعتراف لمن يريد أن يفهم” والذي استهله بالقول: “قررت أن أكتب بكل صراحة؛ صراحة من النوع الذي يأتي بالقتلة لك إلى المنزل، لكن أرواحنا ليست بنصف روح النبيل !أشاهد من يكتب أن نبيل كلمه عن تهديد، ويستغل كل شيء كالعادة للكذب الذي يضر قضية نبيل، والبعض يتحدث عن كون نبيل عسكرياً في التوجيه المعنوي للحزام، وكلام آخر، وكل ذلك كذب”، وأضاف موضحاً سبب توقفه عن الكتابة “أنا أقتنعت بالتوقف عن الكتابة في شأن آخر غير موضوع أخي نبيل ودون أن نصنع مشكلة داخلية، رغم الإحباط من عمل أصحابنا، طبعاً لا أريد أن أصنع مشكلة داخلية، لكنني محبط من عمل الأمن حقيقة أعلم أنه مستهدف مثلنا، لكن نحن الآن مسيطرون ومعنا إدارة ذاتية وأنت محسوب أصلاً مليشيا وكل السبوب (والتهم)، إذاً فلتكن سلطة أمر واقع قامعة، وفر مواردك من مدخول أرضك، واشتغل بقبضة حديدية، اشتغل صح، الناس ستخرص، من أمس الأخبار اخرج وضح- عيب- ما يجري، والخوف كل الخوف أنه عندما تكتشف أن من مارس القتل لأشرف الناس الذين يناضلون دون حماية مرتبط في الأخير بالجهة التي نتحدث عنها، تكتم القضية رغم إمساكك بالقتلة، هنا لن نصمت، والله وروح نبيل فوق كل شيء أقولها لكم لن يكون نبيل الأخير فينا إن استمر الحياء تجاه الجهة التي تصفي كل شيء لمن يصمد مع قضية الجنوب ويمت لها بصلة، ومشكلة نبيل أن منزله في منطقة نفوذ من تم إعادتهم لممارسة الإرهاب؛ لهذا كان في المقدمة، ولعلمكم نبيل طيلة الفترة الماضية كان يجيب لي القات للبيت خوفاً علي، وكان يحس أنني سأكون قبله ويا ليتني كنت قبله”.
كذلك كان موقف الناشط السياسي والإعلامي الجنوبي في مواقع التواصل الاجتماعي محمد الحسني، حيث قال صارخاً بوجه الأجهزة الأمنية: ” قوات الأمن جميعآ عليكم الانتشار في موقع الجريمة، انتشار كبير جدآ، في مداخل ومخارج عدن، منع الخروج والدخول إلى العاصمة عدن، نريد القتلة أحياء، دم الشهيد نبيل غال، وإلا أنتم المحاسبون أمام شعب الجنوب”.
وصرخ أيضاً الكاتب والصحفي الجنوبي أديب السيد بوجه أجهزة الأمن قائلاً: “لا يجوز أن تمر هذه الجريمة بهدوء أو بالاكتفاء بإدانات وتعزيات.. يجب استخراج المجرمين حتى من أعماق الأرض، وتصفية عدن من الخلايا الإرهابية والنائمة والبلاطجة”.
وبلغة دبلوماسية تحمل عتاباً ولوماً على التقصير، دعا المحلل السياسي والقيادي الإعلامي في المجلس الانتقالي الجنوبي عادل صادق الشبحي أجهزة الأمن إلى تأمين كل شبر في عدن قائلاً: “يجب أن ينتشر أفراد الأمن على مدار الساعة بنظام ١٢ و ١٢ ساعة، وليس حملات وقتية والعودة إلى الثكنات ومقايل القات.. يجب تأمين كل شبر في كل مربعات عدن، حيث إن المرحلة صعبة والعدو متربص والمأجورين رخاص الثمن”.
وقال الكاتب والناشط السياسي الجنوبي أياد غانم: “ندعو إلى تفعيل جهاز الاستخبارات في كل مديرية وفي كل حي، عدن اليوم يقطنها أكثر من أربع محافظات وعلى رأسها الحديدة، ويتم الضرب بيد من حديد لكل عدو وكل متطاول على أحلام الشهداء وكل خائن وعميل ومرتزق بائع لوطنه ودماء الشهداء، ما لم فلننتظر كل يوم تششيع إعلامي أو سياسي أو شيخ ديني، وفوق هذا وذاك نقول شعب الجنوب مشروع شهادة ولن يتخلى عن قضيته ويستعيد دولته” .
وكذلك قال اتحاد أدباء وكتاب الجنوب في بيان نعيه: “إننا -وقلوبنا تقطر دماً على هذا الضحية الشاب – ندعو إلى ثورة عارمة أمنية وشعبية منظمة ومحترفة ضد خلايا الموت وصناع الظلام في عدن، وكشف واقتحام وتحطيم أدغال الإرهاب، وردم مستنقعاته البلطجية الآسنة حيثما وجدت قبل أن يتفاقم شرها ويعظم خطرها… كما ندعو قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي والجهاز الأمني الجنوبي إلى العمل على تأمين الكوادر الجنوبية وحراستها، لاسيما تلك التي يتوقع استهدافها من قبل خلايا إلارهاب المأجورة”.
وتحت هذا الهم والتوجس من الخطر القادم طالب مجلس تنسيق الجمعيات الزراعية عدن لحج الإدارة الذاتية للمجلس الانتقالي الجنوبي بتشكيل لجنة أمنية جنوبية أسوةً باللجنة الاقتصادية الجنوبية لإدارة العملية الأمنية، جاء ذلك في بيان نعيه للشهيد، حيث قال: “إننا في مجلس تنسيق الجمعيات الزراعية عدن لحج، في الوقت الذي ننعي فيه شهيد الواجب نبيل القعيطي، نطالب الإدارة الذاتية للمجلس الانتقالي الجنوبي تشكيل لجنة أمنية جنوبية اسوةً باللجنة الاقتصادية الجنوبية لإدارة العملية الأمنية، والاستفادة من الكوادر الأمنية الجنوبية المؤهله النزيهة، الذين تم اقصاؤهم وتهميشهم، والعمل على تفعيل الملف الأمني الجنوبي بشكل أكثر فعالية ونجاح، وإشراك المجتمع المحلي الطرف المكمل لتحقيق الإنجازات الأمنية السليمة”.
من جانبه قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح، بحسب ما نقله موقع شبوة برس، “إن المبالغة في إدانة الأمن وصرف الأنظار عن الجريمة الأساسية لا يخدم سوى القتلة ويوفر لهم فرصة الانتقال بجريمتهم من جربمة إرهابية إلى مجرد حديث عن فشل الأمن وبهذا يكون قد ضرب عصفورين بحجر واحدة وبأيدينا نحن”.
وأضاف صالح “رجاء للإخوة الناشطين وكل المكلومين مثلنا برحيل أخينا نبيل، تجنبوا ثم تجنبوا الوقوع فيما نصب لكم من فخ يهدف إلى تحويل معركتنا مع الإرهاب للثأر لنبيل إلى معركة داخلية، وبدلاً من أن توجه السهام إلى القتلة يتم توجيهها إلى إخوتنا في أمن عدن، الحديث اليوم لاينبغي أن يوجه إلاٌ إلى جهة إدانة القتلة، وفضحهم وتحويل قضية استشهاد نبيل إلى قضية رأي عام دولي وليس محلي فقط”.




