الفرق شاسع ولكنهم لا يعقلون

✍ شتان بين الضالع ومأرب، الأولى لم تهزم أبداً منذ بداية الحرب التي شنتها مليشيات الحوثي على الجنوب في ٢٠١٥م، وهي ماتزال الحصن المنيع للجنوب من هجمات الحوثي وصواريخه البالستية، وتحقق كل يوم نصراً بسواعد رجالها من دون دعم أو مدد من العالم أو الشرعية أو دول التحالف العربي، وقد وصلت قواتها اليوم سوق منطقة الفاخر بمحاذاة جبال العود ومحافظة إب الشمالية، والأخيرة أي مأرب تمثل مقاولة الشمال الإخونجيين رأسها بصرواح وذيلها مقطوع في تعز، وهؤلاء احتووا كل مقاومة الشمال وجردوها وجندوا بعض قادتها لصالحهم كنوع من المقاولة، ومن يومها لم ينتصروا قط لأنفسهم ولا لشعبهم بل سلموا كل الانتصارات التي حققتها ما كانت تسمى المقاومة الوطنية للحوثي على طبق من ذهب، وتعاملوا مع الحرب بسياسة استرزاق واستنزاف وحلب وضغط لإعادة بناء ما يسمونه الجيش الوطني، ووطنيته مبنية على قواعد حزبية ضيقة فضل التحالف الطريق، فهم اليوم وإياه من هزيمة بهزيمة وقد بات محاصراً في قعر داره بمأرب وتعز، رغم الدعم اللوجستي الكبير الذي قدم له من قبل دول التحالف العربي….
✍ وشتان بين قوات الجنوب المسلحة والمسنودة بإرادة وعزيمة صلبة وقوات الشمال المسرحة في باب شعوب والحصبة، الأولى تقاوم في كل جبهات الشرف والعزة وتخوض أشرف المعارك ضد مليشيات الحوثي، تقاوم في الضالع والصبيحة والساحل الغربي بل وصلت إلى كتاف وحدود مران بصعدة وأطراف الحديدة، وتدافع عن عاصمتها من مليشيات الإخوان وأخواتها في أبين وشقرة، والأخيرة قوات مسرحة وفرق مبرقعة وألوية مفرقعة، بعضها باعت وتخلت وسلمت معسكراتها بكل يسر للحوثة، وبعضها أعلنت الصرخة دون أن تطلق رصاصة واحدة، أما من تبقى منها فقد باتت موالية لإخوان تركيا وهي التي تسلم اليوم ما تبقى من الفرق والمناطق والمعسكرات للحوثي، تاركة له الجمل بما حمل في الشمال، وجاءت إلى الجنوب شاردة وغازية محتلة.
✍ وشتان بين شعب الجنوب الصامد والمقاوم والمنتصر على مليشيات الحوثي والمقاوم لكل قوى الإرهاب وهو لا يتجاوز ثمانية ملايين نسمة، وبين شعب الشمال الخانع والمخادع والراكع الساجد لمليشيات الحوثي وحكم ولاية الفقيه والذي يتجاوز الخمسة والعشرين مليونا والنازح اليوم جزء كبير منه في الجنوب والمشرد قادته في شتى بقاع الأرض.
✍ وشتان بين نخب الجنوب وأحزمته الأمنية الداعية للأمن والأمان والمنشدة للسلم والسلام ومطارح الشمال ومليشياته الحوثية والإخوانية والقاعدية، فأحزمة الجنوب ونخبه مسنودة بإرادة شعبها وقضيتها العادلة وهي مساندة لجبهات العزة والشرف والنخوة والدفاع عن الأرض والعرض وحياض الأمة من مجوس الأمة وخوارج العصر، بينما مطارح مأرب وحشد تعز الشعبي يدعو للقتل والإرهاب وينشد غزو واحتلال الجنوب..
✍ بل شتان بين مجلسنا الانتقالي الجنوبي السياسي والنضالي المقاوم لصلف الظلم والطغيان والاحتلال ومجالس الشرعية والحوثية الشمالية السياسية والعسكرية المقاولة والواقفة بصف الباطل والمنفذة للمشاريع الخارجية الإيرانية والتركية الإخوانية في المنطقة العربية والدول الإسلامية… فمجلسنا يدعو لإحقاق الحق ورفض الباطل وخرج من رحم المقاومة وشدة المعاناة، ومجالسهم خرجت من عباءة الشرعية الفاسدة أو من عباءة ولاية الفقيه وإعادة ولاية حكم الأئمة البائدة.
✍ وشتان بين رئيسنا المنتخب الفارض إرادته ووجوده على عاصمته وأرضه والحامل لقضية شعبه ووطنه والصادح بها بقوة في كل المحافل والدول العربية والأجنبية، وبين رئيس الشرعية الهارب من صنعاء إلى الخليج والواقف بصف الباطل والخانع لمليشيات إيران والقابع في فنادق الرياض، وإن كنا نشك بأنه الرئيس الفعلي وقد نعذره من هذه الناحية إن تبين الحق يوماً وفضح الأمر علناً، وكذا شتان بين رئيسنا ورئيس صنعاء الحالي المحلي الذي لا يقطع إلا بما قطع به السفير الإيراني ووليه المتخفي في الضاحية الجنوبية بلبنان أو في كهوف مران.
✍ وشتان بين قضيتنا الجنوبية السياسية العادلة التي قدم شعبنا من أجلها قوافل من الشهداء للدفاع عن أرضه وعرضه ومازال، ومشاريع الشمال الاحتلالية والوهمية والانقلابية، وكذا شتان بين هدف قضيتنا السامي وهو التحرير والاستقلال من براثن الاحتلال وهمجية الإخوان وسادية حوثة مران ونظام صنعاء العسكري والقبلي المتخلف، فهدفنا سامي سلمي حتى فرضت علينا الحرب، وأهدافهم حربية وأزمات سياسية واقتصادية خانقة وثورات انقلابية فاسدة لأجل السلطة والحكم والمنصب والتسلط على رقاب الناس ولو بالقوة.
✍ وشتان بين وحدتنا التي كنا نعدها حلما وتنازلنا من أجلها عن عاصمتنا وعملتنا ومؤسسات دولتنا على أساس إنا دخلنا في وحدة إخوة وشراكة حقيقية كلبنة أولى نحو تحقيق الوحدة العربية الشاملة، وبين وحدتهم وحدة الضم والإلحاق والنهب والاحتلال التي عمدوها بالدم بعدة حروب ومازالوا على نهجهم وغيهم وجبروتهم واحتلالهم ولكنهم لا يعقلون.
✍ وأخيراً وهو الأهم شتان بين من يضحي بماله ونفسه وولده من أجل قضيته وكرامة شعبه وحرية وطنه أمثال الشهيد الشوبجي وأمثاله الكثير من شهداء الجنوب الأماجد الذين سطروا بتضحياتهم أروع الملاحم، وبين من يضحي بالوطن وبشعبه من أجل نفسه وثرواته وزبانيته ومنصبه أمثال العجوز الخرف علي محسن الأحمر وكل قيادات حزبه وأركان جيشه وفرقته ولوائه المبرقع…
✍ بصراحة الفوارق كثيرة والمسافات بينا وبينهم شاسعة، ولو عددناها كلها فما استطعنا أن نلم بكل ذاك وقد نحتاج إلى كتاب وسجل كبير صفحاته بعدد أيام دولة الوحدة اليمنية، ولكنا اختزلنا كل هذا بأسطر قليلة اخترناها من واقع الحرب التي زلزلت صروح سد مأرب وأركان وقصور صنعاء وكشفت للعالم كثيرا من الخفايا، حتى أضحت قضية الجنوب واضحة وضوح الشمس في عز النهار يصعب تجاوزها دون حل عادل.. ثقتنا كبيرة بالله الحق ناصر الحق وأهله، ثم بإرادة شعبنا وقواتنا المسلحة الجنوبية ومجلسنا الانتقالي الحامل الرئيس للقضية الجنوبية، وإنا قريباً بإذن الله سنسمع ما يثلج الصدور.

د. أمين القعيطي
٣/ ٥/ ٢٠٢١م

Author

CATEGORIES