بعد ست سنين عجاف من حرب اليمن.. هل من منتصر؟!

✍ أولا تحالف الدول العربية ضد أذرع إيران الحوثية بقيادة السعودية، قام هذا التحالف حربه في اليمن تحت شعار إعادة الشرعية اليمنية من فنادق الرياض وإنهاء التمرد الحوثي، فبدأت السعودية الحرب بعاصفة حزم قوية وبعشر دول عربية وإسلامية.. وبعد كم شهر من العاصفة تبخر الحلم والشعار وغدا الهدف مجرد أمل يريدون إعادته للشعب، ومن يومها باتت السعودية توزع الوهم لليمنيين فلا أمل أعيد ولا نصر تحقق، وكل ما عملته أنها أغدقت الأموال على قيادات شرعبتها حتى أفسدتها فوق فسادها فزادتها ضعفا وخبالا، وهذه ليست مشكلة السعودية وحدها إنما بسبب لعنة اليمنيين وفسادهم والذي أخذوه معهم إلى المملكة وتناسوا أن ملكتهم الأولى  (قالت إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ)، فاجتمع فساد الملوك القائم على إذلال الملتجئ بهم، مع فساد الحكومة الشرعية فتكون خليط كبير من الفساد يصعب سده وحلحلته، فتساقط عقد التحالف كما تتساقط حبات العقد، ولما يتبق منه بعد ست سنين من الحرب سوى واسطة العقد وهي دولة واحدة ضعيفة لا تقدر أن تدفع الضر عن نفسها من نيران وطيران الحوثي المسير…  وهنا يكمن الفساد والإقصاء السعودي الذي يعد سبب فشل هذا التحالف الذي لم يحقق سوى نزوات السعودية وشرعيتها، ولن يحقف في قادم الأيام أي نصر أكثر مما حققه لهم الجنوبيون وإن استمروا ٤٠ سنة كحرب البسوس .

✍ ثانيا تحالف الحوث عفاشي بقيادة أنصار الله الحوثية بني على خرافة وأسطورة إلهية وهمية وملحمة أشبه بملحمة الإلياذة لهاميروس، فبدأ هذا الحلف قوة القوة، فمن يستطيع إيقاف زحفة من صعدة وكهوف مران وهو يسير تحت راية التقية وولاية الفقيه والنصرة والمظلومية والهنجمة الزيدية والعفاشية على كل ما هو دونهم، الريوس وفصوله والفرامل فقلعوها ومفاتيح الجنة معلقة بأيديهم علاوة أنهم تزودوا بطلاسم في حقواتهم وبين خصورهم، وتم تعبئة جيوبهم وحسو عقولهم بتعويذات وملازم كل السحرة والشياطين المردة حتى باتت سجيتهم تظل معلقة على رقابهم حين يصبحون وحين يمسون، وبهذه الخرافات انطلقوا بسرعة البرق من مران إلى صنعاء وكانت وجهتهم عدن وباب المندب لتأمينها أما هدفهم الرئيس كما يزعمون فمكة والشام والقدس وفلسطين لتحريرها من العدوان الصهيو أمريكي سعودي وربما لهم تطلعات أبعد من ذلك،  وعلى هذه الهنجمة وتحت راية المسيرة القرآنية وولاية الفقيه عبروا الشمال بلمح البصر، فلما وصلوا عدن والجنوب فرملوا ووقعت لهم ملطامة بنت كلب حتى رجعت لهم عقولهم، فداروا وانكسروا وهزموا شر هزيمة حتى قال صاحبهم لاطما خده يا ويلتاه لقد خدعنا عفاش ليت أنا  لم ندخل الجنوب، فقتلوا حليفهم الذي مكنهم من صنعاء شر قتلة وشردوا أنصاره في بقاع الأرض، بصراحة هنا يكمن الغباء والجهل والحماقة التي أعيت من يداويها، فإن كان عدو هؤلاء إسرائيل وآل سلول كما تلوك ألسنتهم فكان الأحرى بهم أن يتجهوا شمالا لا جنوبا ولكنه الغباء والكذب والدجل، وهؤلاء لم يحققوا نصرا وإن خدعوا أنصارهم وشعبهم في الشمال به، فكذب وكبرياء جاهل وبوار وتمنية نفس من أجل استمرار الحرب، حتى لا يفيق اليمنيون على مئات من المقابر، وآلاف مؤلفة من القتلى ومئات الآلاف من المشردين.

✍ ثالثا تحالف الشرعية مع المرتزقة والفاسدين المؤتمريين والإخوانيبن الذين ركبوا موجة الفرار من صنعاء إلى الرياض، فهذا الحلف بني على صفيح ناري هش، وما في النفس بالنفس، فبدأ ضعيفا، بل بدت الشرعية نفسها خائفة هاربة ومترقبة، ولسان حالها انقذوني يا رحمتاه، ساعدوني أدعموني، رجعوني صنعاء أو حتى إلى عدن، تكفيني عدن يا منعاه.. وبعد عام من الحرب صار لسان حالها: يا منعاه خلوني هنا خلوا لي حالي، انتبهوا ترجعوني إلى صنعاء سيقطعوني وصلا أما عدن فسيقطعوني إربا إربا، فالأحسن لي ولكم أن تخلوني هنا في فنادق الرياض، ها ويش عاد أبا أحسن من هذه الراحة والنعمة… هنا الفساد بعينه فأنى لهم أن ينتصروا أو يرجعوا إلى عدن أو صنعاء وقد باتوا بهذه الحالة المخزية.
✍ رابعا تتحالف حزب الإصلاح الإخواني مع أخواته القاعدة وداعش، بني على شر محض وإرهاب ممنهج، وبدأ الحرب مخادعا متخاذلا، لسان حاله؛ الحرب لا تهمني وحربي لم تبدأ بعد، وظل يا طقم سلمان وصلنا صنعاء نحرر أراضيها، فلما وصل الدعم وطقم سلمان بات أكثر ضعفا وخداعا وعمالة وتخاذلا.. ما بللا عدن أول نحررها من الانتقالي وبعدين صنعاء، فضلوا كما ضل بني إسرائيل وباتوا مذبذبين في الأرض لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، نحن مع التحالف لكن ضد الإمارات، ونحن ضد الحوثي لكن معه ضد الجنوب والانتقالي، نحن مع تطبيع تركيا مع إسرائيل لكن تطبيع الإمارات والبحرين ومصر مع إسرائيل كفر.. هنا الزندقة والزنادقة،، لا يعون ماذا يريدون، بل هنا النفاق بعينه فهؤلاء هم شر أهل الأرض والقانطون من رحمة الله فلن يفلحوا أو ينتصروا أبدا، لا على الحوثي ولا على الجنوب ولا على مصر ودول التحالف العربي مهما فعلوا ومهما كذبوا ولفقوا.

✍ أخيرا يكمن الطرف الخامس والأخير في الجنوب وقد تمثل أخيرا بالمجلس الانتقالي، فهذا المجلس لم يقم على مثل هذه التحالفات المشبوهة، كما أن الحرب فرضت عليه، ولم يبن هدفه في هذه الحرب على باطل أو لمصالح ضيقة ومشاريع وهمية أو خارجية، إنما قام تحت هدف رئيس وهو استعادة الدولة الجنوبية المختطفة، ومن أجل الكرامة وحل القضية الجنوبية حلا عادلا والاعتراف بها كقضية سياسية بامتياز، فأعاد ترتيب صفوفه وبناء قواته المسلحة من الصفر، ولكنه انتصر بها وفي كل خطوة ومرحلة نراه يحقق شيئا، لهذا نراه المنتصر الوحيد في هذه الحرب العبثية التي طال أمدها، وإن كان انتصاره لا يسمو إلى مستوى تطلعات الشعب الجنوبي لإسباب كثيرة خارجة عن إرادته، فضلا أن كل هذه القوى والتحالفات السابقة المشبوهة والقائمة على الدجل والكذب والبوار ، اجتمعت ضد إرادته وتطلعات شعبه؛ لكي لا يظهر بأنه المنتصر الوحيد في هذه الحرب، فحاربوه في المعيشة وفي الخدمات من كهرباء وماء وطرقات، علاوة على الحرب النفسية لقياداته كقطع الرواتب وعدم دعم القوات الجنوبية وتغذيتها، وكل ذلك بغية إفشال المجلس الانتقالي الحامل الرئيس للقضية الجنوبية، وإظهاره بمظهر الفاشل كما فشلوا، ولأجل إسقاط الجنوب وانتصاراته في برك من الدماء والمستنقعات الآثمة التي يروجون لها في معترك المتناقضات كما هم ساقطون، ولكن كل مؤامراتهم فاشلة، فسينتصر الجنوب اليوم أو غدا كما انتصر بالأمس، وإن غدا لناظره لقريب، ونختم بقول الحق جل جلاله (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) التوبة (32) .
……………………
د. أمين القعيطي
٢٢/ ٤/ ٢٠٢١م

Author

CATEGORIES