كتاب «نبيل القعيطي .. شهيد الكلمة..ابتسامة وطن» – الحلقة الرابعة والعشرون ( ملابسات القضية وإمكانيات تدويلها)

كتاب «نبيل القعيطي .. شهيد الكلمة..ابتسامة وطن» – الحلقة الرابعة والعشرون ( ملابسات القضية وإمكانيات تدويلها)

ملابسات القضية وإمكانيات تدويلها

راج خلاف كبير بين الأوساط السياسية المحلية، حول ملابسات القضية ومن يحق له التحقيق في قضية الشهيد نبيل القعيطي، والبداية من تصريحات نائب الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح، الذي قال “إن القعيطي رافق القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي كمصور خلال الاشتباكات مع قوات الحكومة اليمنية المتحدة مع حزب الإصلاح في محافظة أبين”، “وهذا ما جعل صالح يوجه أصابع الاتهام إلى عناصر مرتبطة بالحكومة وأجندتها من حزب الإصلاح قاطعاً الامر بالقول: “إن المجلس الانتقالي سيحقق في اغتيال القعيطي”، رافضاً أي تدخلات لأطراف محلية مشبوهة المشاركة في التحقيق، ودعا إلى- ما أشار إليه المجلس الانتقالي الجنوبي في بيان نعيه- “مساهمة الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب في إجراء تحقيق شفاف يكشف خيوط هذه الجريمة ومن يقف خلفها ويقدم مرتكبيها إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل”.

غير أن الناطق الرسمي باسم الحكومة اليمنية، عبد الباسط القايدي، وعدنان العديني، المتحدث الرسمي باسم حزب الإصلاح، رفضا هذا التصريح في رسائل بعثا بها إلى لجنة حماية الصحفيين، وقال العديني “إن الحكومة، وليس المجلس الانتقالي، هي الطرف الوحيد الذي له الحق في إجراء تحقيق في مقتل القعيطي”، فيما اكتفى القايدي بالقول على استحياء “نريد تحقيقاً دولياً في الحادثة”.

أسرة نبيل القعيطي يرفضون أي فعالية تأبينية للشهيد قبل القبض على المتورطين وتقديمهم للمحاكمة

لعل هذا القول ما جعل الكاتب السياسي الجنوبي، ورئيس دائرة العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي في أروبا أحمد عمر بن فريد، يمنح القايدي صك الطلب إن كان صادقاً في تدويل القضية، ومصرحاً من برلين بلغة اليقين إن “المعلومات المؤكدة حول اغتيال الشهيد القعيطي ستضع الشرعية أمام المحاكم الدولية”، وأكد بن فريد، بحسب ما نقله موقع شبوة سكاي “بضرورة التركيز على ملابسات اغتيال الشهيد نبيل القعيطي لجمع أدلة دامغة تورط مرتكبي الاغتيال أمام المحاكم الدولية، الذي من المؤكد أنهم من حكومة شرعية الإخوان”، وقال في تغريدة له في منصة تويتر: “علينا التركيز وبقوة على كشف ملابسات اغتيال الشهيد نبيل القعيطي كواجب وطني؛ لأن التعرف على تفاصيلها بدقة سيقدم هذه الشرعية للعالم كما هي فعلا، وسوف نستطيع بعد ذلك مقاضاتهم فعلياً في المحاكم الدولية بهذه الجريمة التي أنا على يقين من تورط رؤوس كبيرة فيها”، وأضاف “بفارغ الصبر ننتظر التحقيقات”.

وهذا بدوره جعل بعض وزراء الحكومة وقياداتها، وعلى رأسهم وكيل وزارة الإعلام نجيب غلاب يكتفون بالمطالبة بالتحقيق “الشفاف والعادل”، مع بحث الحكومة المعترف بها دولياً، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، إمكانيات التعاون المشترك مع المجلس الانتقالي المسيطر على الواقع، ليقين الحكومة ووزرائها بأن وراء الجريمة بعض الأحزاب المتطرفة المنطوية تحت لواء الشرعية، كما صرح غلاب.

كان القعيطي مؤيدًا صريحاً لاستقلال جنوب اليمن

على إثر هذا الخلاف الطاغي على المشهد السياسي اليمني حول من يحق له التحقيق في قضية المصور الحربي العالمي نبيل القعيطي، برزت توجسات ومخاوف كبيرة في الوسط الإعلامي  المحلي والعربي والعالمي، تحذر من تمييع القضية وإخفاء الحقيقة أو تسييسها، وأبرز المخاوف التي برزت في الوسط الإعلامي المحلي ما صرح به رئيس لجنة التدريب والتأهيل بنقابة الصحفيين اليمنيين، نبيل الأسيدي، حيث قال للجنة حماية الصحفيين، بحسب ما نقلت جريدة العرب اللندنية: “إن مقتل القعيطي أظهر أن الصحفيين يواجهون خطراً متزايداً وتفاقم الأوضاع في البلاد التي مزقتها الصراعات”، مشيراً إلى “أن الصحفيين اليمنيين استُهدفوا من قبل جميع الأطراف المتحاربة التي تريد إخفاء الحقيقة”، وأعرب عن مخاوفه من التلاعب بقضية القعيطي، كما حدث في حالات أخرى مماثلة، داعياً السلطات في عدن إلى فتح تحقيق شفاف وكشف الحقيقة، دون استخدام القضية لتعزيز أجندتها السياسية، بحد قوله.

والمخاوف نفسها برزت على سطح الإعلام الجنوبي، فقد غرد كثير من الناشطين السياسيين والإعلاميين الجنوبيين في مواقع التواصل الاجتماعي برفض تسييس القضية، ووصل الحال ببعض أصدقاء الشهيد إلى مستوى رفض أي فعالية تأبينية أو مئوية للشهيد ما لم يتم القبض على القتلة وتقديمهم للمحاكمة، وغرد البعض الآخر بالتضامن الشعبي والإعلامي مع القضية حتى لا تضيع في المماحكات السياسية، كما خطط لها.

وعلى المستوى العالمي برزت أصوات كثيرة تدعو إلى تحقيق دولي فهناك كل الإمكانيات للتدويل، وأخرى إلى تحقيق محلي شفاف وعادل مع مراقبة حيثيات القضية ومتابعة إجراءاتها، وفي هذا السياق يقول جاستن شيلاد، وهو باحث متقدم في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين “إن عملية اغتيال نبيل القعيطي البشعة تشكل انتهاكاً للقانون، ويجب على السلطات في عدن إجراء تحقيق جدي وشامل في الهجوم على الصحفي، وتحديد ما إذا كان اغتياله مرتبطاً بعمله الصحفي،  ويجب على السلطات جلب القتلة إلى العدالة، بينما يجب على جميع أطراف النزاع اليمني التوقف عن استهداف الصحفيين”.

وكذلك قالت لجنة حماية الصحفيين، ومقرها نيويورك “اليوم ينبغي على السلطات اليمنية إجراء تحقيق شامل في مقتل الصحفي نبيل القعيطي ومحاسبة الجناة”

وفي السياق الأول، بحسب موقعي يافع نيوز وسوث 24، وجّهت منظمتان عالميتان في جنيف بلاغاً للجنة الخبراء بشأن اغتيال الصحفي نبيل القعيطي، رفعاه إلى فريق الخبراء الدوليين المعني بالتحقيق في الانتهاكات باليمن، بشأن جريمة اغتيال الصحفي الجنوبي نبيل حسن القعيطي.

وبحسب الموقعين أيضاً بعث كل من المركز الاستشاري الجنوبي للحقوق والحريات، ومركز مدار للبحوث والدراسات ومنظمة أحرار لحقوق الإنسان، بلاغاً إلى فريق الخبراء الدوليين البارزين المعني بالتحقيق في الانتهاكات، تضمّن حيثيات جريمة اغتيال الصحفي والمصور الحربي نبيل حسن القعيطي، وحمل البلاغ نسخة إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وإلى اللجنة الوطنية للتحقيق، وإلى المقرر الخاص بالقتل خارج نطاق القضاء، والمقرر الخاص بحرية الصحافة والتعبير، وبقية المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية، وطالب البلاغ “بفتح تحقيق دولي في جريمة القتل الغادرة التي تدينها القوانين الوطنية والدولية والشرائع السماوية والقيم الإنسانية، مطالباً تلك الآليات الدولية بالعمل على إنصاف الشهيد وضمان عدم تمكين الجناة من الإفلات من العقاب”.

ومن جانبها دعت مؤسسة المستقبل للتنمية وحقوق الإنسان في بيان نعيها للشهيد “كل المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير، وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان واتحاد الصحفيين العرب والدولي في إدانة هذه الجريمة والمطالبة بإجراء تحقيق لكشف مرتكبيها وتقديمهم للمحاكمة لينالوا جزاءهم العادل، باعتبارها جناية وجريمة انتهاك صريح للقانون الدولي لحقوق الانسان”، ودعوتها هذه جاءت بناء على ما صرحت به من أدلة تثبت أن الشهيد نبيل القعيطي لم يكن يمثل نفسه أو قضية شعبه فقط حين قتل واستعدي عليه بقوة السلاح، إنما كان يمثل بشجاعة بالغة الصحافة الحرة والمستقلة في العالم في بلد مليء بالإرهاب والغدر، وعلى العالم اليوم أن يبحث عن القتلة ويقتص لدمه.

 

وأضافت ” لقد كان المصور الصحفي نبيل القعيطي الحائز على جائزة “روري بيك” التي تمنح لأشجع مصور حرب مستقل في العالم لعام 2015 من أكثر مصوري الحروب في العالم جرأة وشجاعة، في تصوير الحروب وتوثيقها، خدمة لحرية الصحافة وإعلاء شانها وإيصال رسالتها الانسانية، وإن مؤسسة المستقبل للتنمية وحقوق الإنسان تدين هذا العمل الإجرامي الشنيع كونه يتنافى مع أبسط القواعد الإنسانية والحقوقية والاخلاقية، وترفضه كافة الشرائع السماوية والمواثيق والقوانين السارية المحلية والدولية ويرفضه الضمير والوجدان الإنساني .. في الوقت نفسه فإن مؤسسة المستقبل للتنمية وحقوق الإنسان تدعو كل المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان واتحاد الصحفيين العرب والدولي في إدانة هذه الجريمة والمطالبة بإجراء تحقيق لكشف مرتكبيها وتقديمهم للمحاكمة لينالوا جزائهم العادل، باعتبارها جناية وجريمة انتهاك صريح للقانون الدولي لحقوق الانسان”.

وكذلك طالب التكتل النسوي الجنوبي في أوروبا “المنظمات النسوية الأخرى والشخصيات الأكاديمية النسوية المستقلة المجتمع الدولي، وكافة منظماته الدولية إدانة الجريمة، وسرعة التحرك، والعمل على كشف ملابسات هذه الواقعة الخطيرة، ومعرفة الجهات التي تقف وراءها”، وحذر التكتل المجتمع الدولي من الخطر القادم على الصحفيين العاملين في اليمن على إثر هذه الجريمة إاذا ماتم تجاهلها فسوف توفر للجناة الغطاء الذي يتيح لهم الحركة وتكرار عملياتهم الإرهابية بحرية تامة وتطال بقية الإعلامين والنشطاء ما لم يطالهم يد القانون الدولي بالإدانة والمحاسبة وتقديمهم للمحاكمات الدولية “،

وختم التكتل بيانه بمناشدة “المجتمع الدولي وكافة منظماته الوقوف بحزم أمام مثل هذه الوقائع والتحري الدقيق لينال الجناة جزاءهم، وينال المصور الدولي نبيل القعيطي العدالة جراء فقدان حياته نظير عمله الصحفي وما قدمه من حقائق للصحافة الدولية والرأي العام العالمي من نشر وتغطية الأحداث و الحروب والمعاناة الانسانية في عموم اليمن من أرض الواقع ومناطق الاقتتال مباشرة، ولكي تنال أسرته الاستقرار والسلام و الدعم النفسي لمصابها”.

وفي السياق ذاته كشفت مصادر سياسية لـ”الأمناء” عن تحركات حثيثة للعديد من المنظمات والجهات الحقوقية لتحريك ملف قضية اغتيال المصور العالمي نبيل القعيطي دوليًا، وأوضحت المصادر في سياق إفادتها لـ”الأمناء” بأن هناك تجاوبا منقطع النظير من قبل جهات عالمية رفيعة أبدت استعدادها وتبنيها لتحريك ملف القضية عبر القضاء الدولي، وأكدت المصادر بأن الإجراءات الرسمية تجري على قدم وساق بالتزامن مع تحركات حثيثة وتضامن واسع من قبل وكالات عالمية وصحف دولية عريقة استنكرت جريمة الاغتيال وطالبت بكشف وملاحقة الجهات التي ارتكبت الجريمة”، وأضافت الصحيفة “يأتي ذلك التحرك لتدويل ملف جريمة اغتيال المصور القعيطي بالتزامن مع جهود متواصلة يقوم بها أقارب وذوو الشهيد وأبناء يافع والجنوب عامة لتشكيل لجنة لمتابعة سير إجراءات القضية ومتابعتها مع الجهات ذات الاختصاص.”

ونختم بالقول، كل هذا محل نظر محلياً وعالمياً إلى ما ستسفر عنه التحقيقات، وقد باشرت أجهزة الأمن في عدن جمع استدلالات القضية، رغم بطء العمل، كما وصفه الاتحاد الأوروبي بعد 50 يوماً من الحادثة، داعياً “أجهزة عدن الأمنية إلى إحالة مرتكبي جريمة قتل نبيل حسن القعيطي إلى القضاء”، وهذا ما جعل أصدقاء الشهيد وأسرته يرفضون أي فعالية تأبينية للشهيد قبل القبض على المتورطين وتقديمهم للمحاكمة.

Author

CATEGORIES