مدارس حالمين…رحلة ضوء وتأريخ مدنية – الحلقة التاسعة عشرة – مدرسة الجذء الأساسية (م/الشهيد الوهبي)

مدارس حالمين…رحلة ضوء وتأريخ مدنية – الحلقة التاسعة عشرة – مدرسة  الجذء الأساسية (م/الشهيد الوهبي)

قرية الجذء ، هي إحدى قرى حالمين ، تقع شمال شرق مديرية حالمين ، جنوب مديرية الشعيب ،يحدها من الشرق منطقة نِعْمَة، ومن الغرب مناطق حرير(الريْد ، مَثْعدَة ، عَدِيْنَة)، ومن الجنوب قرى شَرْعَه(شعب الصَّلَب ، الحَبَجَة، موقر )، ومن الشمال منطقة جبل القضاة .

قرية الجذء حالمين

تتبع الجذء إدارياً مديرية الشعيب م/الضالع ، بالإضافة إلى قريتين أخرى من قر ى حالمين هي :(جبل القضاة، وآل أنعم ) نظراً لعدم وجود طريق يربط قرية الجذء بقرى ومناطق حالمين التابعة لمديرية حالمين إداريا ، ومركز مديرية حالمين سوى طريق الشعيب مرورا بالضالع إلى حبيل الريده.
يبلغ عدد سكانها ما يقارب الألف وخمسمائة نسمة، غير أن موجة النزوح من المنطقة مستمرة ، وقد نزح منها ما يقارب ثلث السكان إلى وجهات مختلفة منها الضالع، والحبيلين ،ولحج، وعدن ، وذلك لوعورة الطريق التي تربط المنطقة بالشعيب ، وعدم وصول التيار الكهربائي إلى المنطقة ، ونقص المدرسين ، وعدم توفر الصفوف الدراسية الكافية لدراسة الطلاب ، كذلك الفروقات الشهرية التي يدفعها آباء الطلاب شهرياً لتغطية رواتب المدرسين المتعاقدين ، علما ان معظم سكان المنطقة من ذوي الدخل المحدود ، فميدان عمل السواد الأعظم منهم في السلك العسكري الذين باتت حياتهم اليوم مهددة بالمجاعة والتشرد بسبب انقطاع رواتبهم ظلما عاما بعد عام .
تبعد منطقة الجذء عن مركز مديرية الشعيب/العوابل ٢٥ كيلو متر تقريبا ، معظم طريق هذه القرية التي تربطها بمركز مديرية الشعيب مجرى سيول (سَيْلة) تتعرض للجرف ، وتنقطع تماماً لمدة معينة مع كل خريف تقريبا.
همِّشَت هذه القرية كثيرا من قبل قيادات السلطة المحلية المتتابعة على مديرية الشعيب ، حيث لا طريق فيها سوى الذي ذكرتُ ، ولا كهرباء ، ولا مشروع مياه ، ولا مدرسة مكتملة ، ولا مدرسين.

فترة الأمطار في الجذء بحالمين

هي القرية الوحيدة من قرى مديرية الشعيب، التي لم يصلها التيار الكهربائي بعد ، ومع كل ذلك الحرمان والمعاناة لم تبخل منطقة الجذء على الوطن بفلذَّات أكبادها في الماضي والحاضر ، فقد بلغ عدد شهدائها في الحرب الأخيرة ٢٠١٥م وحدها ما يقارب العشرة شهداء ، ويزيد عن الخمسة والعشرين جريحا .

– أما بالنسبة *للدراسة في منطقة الجذء قبل افتتاح المدرسة* ، فكان عبارة عن معلامة تتم سنويا بالتنسيق مع شيوخ – أو فقهاء كما يسميهم كبار السن – من خارج المنطقة ، يتم استجلابهم والتعاقد معهم لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر كل عام ، هدف هذه المعلامة محو الأمية عن الأهالي، وتعليمهم القراءة والكتابة فقط ، بعيدا عن التعليم المنتظم.

– *مدرسة الجذء الأساسية أو ما تُعرف بمدرسة الشهيد الوهبي* *- الجذء* ، من أوائل مدراس حالمين والشعيب، تأسست بعد الاستقلال بعام واحد ، في العام ١٩٦٨م .
من أوائل مدرسيها الأستاذ صالح علي مثنى من لحج ، وكذا الاستاذ علي محمد عبد المجيد ، والأستاذ محمد فضل عوض ،
وبعد التقسيم الإداري الذي طرأ في ثمانينات القرن الماضي والذي قضى بموجبه تحويل منطقة الجذء من ردفان إلى الضالع ،مركز الحصين ، تم تعيين المدرسين الآتين فيها :

عبد الوهاب علي صالح المنصوب ، وعلي أحمد صالح عرشي ، وسيف ناجي محمد ، وعبدالله موسى ، و وعبدالله شايف مرات ، وفضل محمد عبدالله وجميع هؤلاء من خارج المنطقة، معظمهم ينتمون إلى حرير والضالع .
إضافة إلى معلِّمَين اثنين من أبناء المنطقة هما : المرحوم الفقيد:هادي محمد صالح سعيد وعبدالله مسعد سعيد ، وبعد التقسيم الإداري الذي جاء بعد الوحدة المشؤومة تم تحويل منطقة الجذء إداريا من مديريةالحصين إلى مديرية الشعيب، التي لا تزال المنطقة تتبعها إداريا إلى اليوم.
ومنذ تلك الفترة إلى وقتنا الحاضر تم تعيين المدرسين التالية اسماؤهم في المدرسة :
– هيفاء علي محمد عبدالحي
– ليبيا علي ناجي مثنى
-أحلام سالم صالح قاسم
– محسن صالح صالح شعفل
-سعيد المروسي
– فلاح قاسم عبيد
– عبد الحميد قحطان عبد الكريم
– رشيد فضل علي العبادي
-طاهر حسن صالح
ونصف هؤلاء قد تركوا المدرسة إما بالنقل إلى مدرسة أخرى ،
أو تم إعفاؤهم عن العمل من قبل إدارة التربية نتيجة للمرض.
جمعت المدرسة عدة قرى متفرقة كقرى رَاب وعَسَقَة واسْفَل عَمِر والرَيْد وعَدنَات والمُرِيْدمَي وحَوْلَل .
وتخرج منها عدد من الكوادر في عدة مجالات ، ويقودها وينهض بامورها حاليا عدد من خريجيها حاملي شهادة الماجستير والبكلاريوس ، الذين تم التعاقد معهم من قبل مجلسِ الآباء ، والذين شهدت المدرسة في وجودهم نقلة نوعية في كل الجوانب وعلى رأس هؤلاء الاستاذ حسام جمال غالب وعلي بن علي محمد وتوفيق علي محمد ومازن عبد السلام ورشيد ناصر علي وغيرهم وهم من أبناء منطقة الجذء.
أما من ناحية وضعها فقد عانت المدرسة منذ ستينات القرن الماضي إلى اليوم أوضاع صعبة فلم يكن هناك مبنى مكتمل يستوعب الطلاب ،فقد درس الطلاب تحت الأشجار وفي بعض البيوت المجاورة للمدرسة ثم في درج المدرسة وسطحها بعد أن تم بناء المبنى الجديد الذي لم يستوعب كل الطلاب خصوصا بعد انهيار المبنى القديم وفتح صفوف إضافية لتكتمل الصفوف الدراسية من أول إلى تاسع بعد إن كانت إلى الصف الخامس فقط، وذلك في عهد إدارة الأستاذ المرحوم هادي محمد صالح الذي شهدت مرحلة إدارته للمدرسة نقلة نوعية بذل فيها كل طاقاته وإمكانياته. ولم تتوفر الخدمات والوسائل التعليمية والتربوية نظرا لبعد المدرسة عن المركز وعدم استجابة جهات الاختصاص وضعف إمكانيات اولياء أمور الطلاب لمتابعة جهات الاختصاص ومنذ عقدين ونصف تقريباً يتحمل أولياء أمور الطلاب والطالبات نفقة رواتب المدرسين المتعاقدين الذين يتم التعاقد معهم سنويا ، وعددهم سبعة مدرسين على الأقل ، حيث بلغ عدد المدرسين الذين تم التعاقد معهم من قبل المدرسة منذ ٢٠٠٢م إلى عامنا هذا ٧٨ متعاقدا من مناطق حالمين والأزارق وجحاف والمسيمير .
حيث يدفع كل طالب في المدرسة من الصف الرابع إلى الصف التاسع مبلغا لا يقل عن ٤٠٠٠ ريال ولا تزيد عن ٦٠٠٠ريال شهريا كرواتب للمدرسين ،تتفاوت من عام إلى آخر حسب نقص المدرسين .

ونتيجة لبُعْد المدارس المجاورة عن منطقة الجذء ،ولكون مرحلة الثانوية بالنسبة لطلاب منطقة الجذء هي مرحلة التسيُّب والضعف وفقدان المستوى ، وترك الدراسة- لأن الدراسة في المدن في وقتنا الحاضر ليست بالمستوى التي هي عليه في الأرياف- قرر أهالي المنطقة افتتاح صف أول ثانوي في المدرسة على نفقة آباء الطلاب ، حيث سيدفع كل طالب في الصف الأول الثانوي ما لا يقلُّ عن عشرة ألف ريال شهريا .
وبهذا يكون الأباء قد أسسوا المدرسة الثانوية ابتداء من هذا العام.
ورغم المعاناة والظروف الاستثنائية التي تمر بها المدرسة فإنها حققت نجاحات كبيرة خلال مسيرتها التربوية، حيث شاركت في كثير من المسابقات العلمية، منها ما كان مع مدارس حالمين ، وأخرى مع مدارس الشعيب وكان آخر تلك الإنجازات مشاركتها مدارس مديرية الشعيب المسابقة العلمية التي نظمتها إدارة التربية والتعليم في المديرية
والتي جمعت ٢٤مدرسة أساسيةو١٢مدرسة ثانوية حصلت فيها مدرسة الوهبي الجذء على المركز الثاني بتفوق وجدارة وكُرِّمَتْ بكأس الوصيف وعدد من الميداليات وحصلتْ على دعم لأ بأس به من فاعلي الخير في مديرية الشعيب لغرض بناء أربعة فصول دراسية إضافية لتسهم في حلِّ أهمّ مشكلة كانت تعاني منها المدرسة لسنوات ، وبمساهمة وتعاون أهالي المنطقة تم بناء أربعة فصول دراسية ، وعلى الرغم من أنها إلى الآن لم تُرمم ولم تؤثث ، ولا زالت بلا نوافذ ، ولكنها تقيهم من حر الشمس وبرد والشتاء وهذا ما يهمنا.

– من مخرجات هذه المدرسة
٢٢بكلاريوس تربية
٨ بكلاريوس علوم إدارية
٥ بكلاريوس هندسة
خريج واحد ماجستير تربية
خريج واحد ماجستير علوم سياسية
خريج واحد بكلاريوس حقوق
٢ بكلاريوس طب
٣ ودبلوم معاهد صحية
٣٥ ضابطا تخرجوا من كليات (الشرطة ، والحربية ، والجوية)
– من الشهداء الرموز الذين تلقوا تعليمهم الابتدائي في هذه المدرسة:
-الشهيد القائد: علي قاسم شريبة القاضي رحمه الله
– الشهيد القائد:شائع عبدالحكيم مساعد القاضي رحمه الله

إضافة إلى ثمانية شهداء آخرين رحمهم الله جميعاً .
التعليق العام
في أقصى شمال شرق حالمين تقع قرية الجذء ومدرستها الفريدة التي تفردت بمعانانها عبر السنين فقد وقعت نائية بين ثلاث مديريات هي
الشعيب وحالمين والحصين ودفعت ثمن ذلك من خدماتها الضرورية .
ها هي المدرسة مستمرة في نشاطها التربوي والتعليمي عبر السنين العجاف على حسب أولياء الأمور الذين لم تكن حياتهم المعيشية على احسن ما يكون فعندهم صار العلم قبل الخبز إيمانا منهم بأهمية العلم فبه تتحقق سائر أمور الحياة الكريمة.
ومن هنا فإننا ندعو رجال الخير في الشعيب خاصة وفي حالمين عامة إلى مد يد العون إلى هذه المدرسة
العريقة من أجل استكمال التعليم الثانوي فيها والتخفيف على الأهالي
من دفع الرواتب الشهرية للمعلمين
المتعاقدين ، مثلما نلفت انتباه مكتب التربية والتعليم في كل من الشعيب والضالع إلى وضع هذه المدرسة وطلابها ومعلميها واهاليها.

إعداد الأستاذ حسام جمال الليثي
معلم متعاقد في المدرسة .
تنسيق ومتابعة الأستاذ محمد مانع ناصر .
مراجعة وتحرير د عبده يحيى الدباني.

Author

CATEGORIES