كتاب «نبيل القعيطي .. شهيد الكلمة..ابتسامة وطن» – الحلقة السادسة (الاعتقالات والمخاطر التي تعرض لها القعيطي خلال مشواره الإعلامي)

تعرض نبيل القعيطي خلال سنوات الحراك السلمي الجنوبيلعدة اعتقالات وانتهاكات من قبل نظام صنعاء القمعي،وكان أول اعتقال، بحسب زملائه، في الأشهر الأولى من انطلاق الاحتجاجات الشعبية الجنوبية في يوليو 2007م، وفي 2011م، الذي تزامن مع ثورة شباب التغيير، المقلدة لما يسمى ثورة الربيع العربي.
تم اعتقال القعيطي وإيداعه سجن الأمن المركزي عدة مرات، في إحداها تم إحالته إلى إدارة البحث الجنائي ومصادرة تلفونه النقال وكاميرته، وذلك في المليونية التي دعا لها الحراك السلمي الجنوبي لإحياء الذكرى (17) لإعلان فك الارتباط بنظام صنعاء في 21 مايو لعام 2011م.
ومنذ عام 2012م، دخلت البلاد في فوضى عارمة، وتعرض نبيل لاعتقالات كثيرة وانتهاكات جسيمة، وكان يتم إيداعه سجون بعض الشرط عبثاًدون أي سبب أو تهمة أو مسوغ قانوني سوى أنه برز إعلامياً كناشط في صفوف الحراك السلمي الذي يدعو إلى فك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية المختطفة من قبل نظام صنعاء العسكري والقبلي المتخلف، ومن هذا العام أصبح منزل القعيطي عرضة للمداهمة والاقتحام،وتم تهديد أسرته كثيراً.
وآخر اعتقال تعرض له القعيطي كان في 2014م، تزامن مع آخر مليونية دعا لها المجلس الأعلى للحراك السلمي الجنوبي قبل أن تعلن صنعاء الحرب ثانية على الجنوب بأشهر قليلة، وبذلك يكون القعيطي من الإعلاميين الجنوبيين القلائل الذين سجلوا حضورهم الفاعل كثوار ونشطاء سياسيين وإعلاميين في الحراك السلمي الجنوبي منذ انطلاقه حتى نهايته، وهذا ما يدل عليه أول اعتقال للقعيطي في 2007م، وآخر اعتقال في 2014م، كما يدل هذا على إصرار القعيطي في المضي قدماً نحو الهدف الذي ينشده أو الشهادة.

نبيل القعيطي في معركة تحرير عدن
وخلال مرحلة الحرب على عدن والجنوبمن قبل مليشات الحوثي وحليفها صالح في 2015م، تعرض نبيل القعيطي لكثير من المخاطر والاستهداف المباشر بهدف قتله وتصفيته والتخلص منه، ضرب منزله بالدوشكا وتعرض للرصاص كثيراً، مما اضطر أسرته إلى النزوح منه، وكانت أول محاولة اغتيال واستهداف مباشر للمصور الحربي العالمي نبيل القعيطي، في شهر يونيو 2015م، أثناء حصار عدن من قبل المليشيات الحوثية، بحسب شهادة الباركي الكلدي التي قدمها لنا “أن النبيل قال له إن قناصاً حوثياً رماه بطلقة ولحسن الحظ لم تصبه، إنما أصابت الكاميرا، دخلت من عدسة الكاميرا وخرجت من جنب أذنه…”، وكان نبيل خلال أيام الحصار على عدن يتسلل خفية إلى منزله الذي يقبع في المربع المسيطر عليه الحوثيون، وصولاَ إلى منطقة البساتين وخطوط التماس في قرية الفلاحين وجعولة، ينقل تحركات المليشيات للمقاومة الجنوبية، وعرض نفسه للخطر والموت المحقق أكثر من مرة، وفي إحداها نجا بأعجوبة من التصفية الجسدية، بحسب شهادة زميله بسام القاضي، حيث قرر “التوجه إلى محافظة لحج شمال عدن، لتصوير مشاهد من المواجهات، وعند وصوله إلى أولى مناطق لحج، وجد أمامه عدداً من سيارات تابعة لقوات النجدة، فتوقف أمامهم ليسألهم إلى أي منطقة وصل إليها الحوثيون، وكان الرد صادماً:أنصار الله هانا، جاءوا ليحموكم من الدواعش”، عندها انسحب من أمامهم بطريقة دبلوماسية، وتمكن من العودة إلى عدن، ولم يطمئن ويشعر بالأمن والاستقرار إلا بعد تحريرها.
وأبرز المخاطر التي واجهها القعيطي كانت في باب المندب والساحل الغربي، وهذا ما أكده القعيطي بنفسه رداً على سؤال الصحفية دنيا فرحان في المقابلة التي أجرتها معه في 2017م، حيث قال:
“المخاطر كانت موجودة في كل الأحوال، وكان التصوير يعد مجازفة، كنت أعد نفسي أحد المقاومين أثناء التصوير، وكانت أغلب أماكن التصوير في خطوط التماس، ولكن أبرز موقف تعرضت له هو لحظة تعرضنا لصاروخ وأنا بسيارتي مع مجموعة من الإعلاميين، خرجنا لتغطية أحداث في باب المندب، عبرنا طريق مخالف، وكان موضعنا في السير من الاتجاه الذي يتمركز فيه الحوثيون، وأتذكر أني بلحظه جنونية عكست اتجاه سيارتي عن هدف الصاروخ، وفتحت الباب وألقيت بنفسي إلى الخارج… تلك لحظات لا تنسى، كما أنها لم تثنيني عن التصوير”.

نبيل القعيطي أثناء هجوم على منصة قاعدة العند بالطيران
كما “نجا نبيل القعيطي في يناير 2019م من هجوم الحوثيين بطائرة دون طيار على قاعدة العند الجوية، أكبر قاعدة جوية في اليمن، شمال ميناء عدن الجنوبي، خلال عرض عسكري كان يغطيه، حيث كان كبار المسؤولين اليمنيين، بما في ذلك رئيس المخابرات العسكرية ونائب رئيس الموظفين، قتلوا”، هذا بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الأميركية وكثير من وكالات الأنباء العالمية، وخلال هذه التغطية كانت كاميرا نبيل القعيطي تراقب المشهد عن كثب، وتوثقه بالصوت والصورة دون خوف أو وجل، وكان القعيطي الوحيد من بين الإعلاميين الذي ثبت في مكانه وقال وهو يبتسم كعادته “إنها طائرة”، فوثق صورتها وهي تحوم فوق المنصة قبل أن تنفجر، وقد بث هذا المشهد بصوته وصورته في أغلب القنوات الفضائية العربية والعالمية.
سيطرت مليشيات الحوثي منذ يونيو على أجزاء كبيرة من منطقة دار سعد، ومنها شارع الخط، حيث يقع منزل القعيطي وسطه بين جولتي الكراع والسفينة، مشرفاً على مدخل منطقة دار سعد من الجهة الغربية، وهذا الشارع كان الخط الساخن في المواجهات التي تدور بين المقاومة الجنوبية ومليشيات الحوثي، وكانت آخر نقطة تصل إليها المليشيات جولة السفينة.
كانت حجة الحوثيين لاجتياح الجنوب محاربة الدواعش، وكان حليفهم المخلوع صالح خفياً لم يظهر نفسه وقواته ولم يظهروه، سلمهم كل معسكراته وقواته في الجنوب حتى قوات الشرطة والنجدة، ولما فضحوا وكشف أمرهم، ظهروا نواياهم الخبيثة الموالية لولاية الفقيه، وقالوا هي “مسيرة قرآنية”، تقودها يد ربانية لا تهزم وهم أنصار الله، ولما هزموا وانكسرت شوكتهم في عدن وقبلها الضالع، قالوا خدعنا المخلوع، ومن يومها بدأ هذا الحلف ينفض، ولم ينته إلا بقتلهم للحليف، وكذلك سينتهي حلفهم الخفي مع قيادات الإخوان، وقد بدأ يتكشف أمر هذا التحالف.




