مساحة للتذكير والتفكير بالامريكان معا

الرائج عن الديمقراطية بأنها طريقة أسلم ومثالية تصون حقوق العشوب وتحفظ كرامتها، والتي استلّهمتها بمصداقيّة دون تزيف للحقائق والوعي المجتمعي والسياسي ثبت بأن أوضاعها باستمرار مستتبة وتعيش في رخى وأمن واستقرار، فلم يُعهد بواحدة منها أن انزلقت نحو الفوضى كالتي تحصل اليوم لأخرى استسلمت للديكتاتوريات والحكم الشمولي، فما تلبث وهي على حالها إلا وتنتكس فجأة فيسودها الأزمات والاقتتال والكوارث.

— مقاربتين حصلت في عهد الرئيس بارك أوباما… الاولى لرجل امريكي حُكم عليه بالمأبّد ومن بعد قضى في السجن زهرة شبابه ظهرت أدلة جديدة تبرّئه من التهمة المنسوبة إليه، وما أن أفرج عنه حتى نُصح برفع دعوى تعويض ضد المحكمة التي أدانته والحقت به الأذى، لكنه اعرض مكتفيًا بخطاب وجهه في حينه لسيد البيت الابيض أوباما نفسه ونص بصريح العبارة: لا يطمع في شيئ مهما كان حجمه ونوعه، كل ما يرجوه من السلطات والمشرعين فقط؛ إعادة النظر في القانون الذي ظلم بسببه لكي لا يطال الظلم أبرياء أخرين. وما كان بوسع متلقي الخطاب إلا التضامن معه طالبًا من الحضور لمأدبة غداء في منزله تقام على شرفه، ولتصنعه سيدة أمريكا الأولى في وقتها زوجته ميشيل أوباما.

الثانية: في الوقت الذي كان الربيع العربي على أشدّه استدعى الأمر من سلطات صنعاء على أثر المستجدات الطارئة والمحدقة بالنظام أنذاك إلقيام بالعديد من الإجراءات حيال القضية الجنوبية ملوّحة بالتعويض كأحد الخيارات التي تحاول من خلالها خداع الجنوبين وجرهم للتعاطي مع مسار الوحدة ونسيان ما قد اعتراهم من ظلم بسببها، إلا إن الاخير أعرض واكتفى برسالة مليونية وجهها من مدينة عدن وبالتحدبد من ساحة العروض عشية انطلاق ما سمي بالحوار الوطني مارس ٢٠١٤ المقام في صنعاء، معلنًا للعالم أجمع رفضه القاطع لما يقدم عليه ذلك النظام الهمجي من تزيف للوعي وقلب للحقائق، فقط؛ ما يرجوه من العدالة الأممية تمكينه من استعادة دولته على حدود عام ١٩٩٠م كي لا يستمر الظلم الذي طاله يطال أجياله القادمة، إلا أنه وللأسف لم يحفّه رئيس امريكي بالدعم لا ولم يحظى بمأدبة غداء من يد ميشيل أوباما ولا من سيدة من سيادات البيت الابيض بعدها.

والصورة إلى اليوم عنهم الامريكان تجاه الجنوبين كما تُرى للعيان ملتبسة ومفلسة معًا، فكأن السجن في حساباتهم فقط مجرد بناء مسوّر ومحكم الاغلاق نهاره كليله وليله كنهاره قليل إلراحة محدود الحركة لنزلاه، وليس بالامكان وطنًا بأكمله أن يحوّله طاغية مستبد إلى فناء سجن كبير يحوي ملايين الأدمين بداخله ودون جريمة يحاصرهم بها سوى أنهم في الأول والاخير بشر يودّون العيش على أرضهم بكرامة.

وبصدد ذلك التنبيه بالقول: فقد تعاظم ظلم الجنوبي حتى غدا اكبر وأوسع من أن يتحملّه ملف، أبطاله خارقين منهم قداماء فاقدين ومنهم جدد معتبرين، وبالتالي فهل لسيّدة العالم الحر امريكا الاضطلاع بدور تجاهه بما يتناسب مع مبادئها المعلنة ومواقفها الريادية في نصرة المظلوم وحماية حقوق الإنسان والشعوب؟.

CATEGORIES