عطفًا على الطفل ريان هناك أطفال آخرين ايضا

كل المحاولات والخطط في لحظة ما قد تُصبح بائسة، وكل الجمل والعبارات الحانية قد لا تسلم شخص صغير او كبير من قدر النهاية الموجعة، ولا يمكن لربان ماهر أن يصنع لطفل طوق النجاة إذا ما حبسه الله وأحبه أن يرحل عن عالمنا ليكون إلى جواره.

مهرجانان تواعدا صدفة واحد سنوي لزهرة الأوركيد الجميلة بأنواعها المتعددة والتي يخشى من انقراضها، ومهرجان آخر لإنقاذ زهرة ريان من حفرة البئر العالق على بعد حوالي اثنين وثلاثون مترًا، والأخيرة رغم إنكفائها إلى قرية صغيرة في ريف اقليم شفشاون شمال المغرب، إلا إنها خطفت كامل الضوء عن الأولى ذات الشهرة الجمال الآخاذ، فاحتوت حب العالم واهتمام وتفاعل الإعلام ورواد التواصل الاجتماعي.. ليطلقوها هاشتاج مزلزل عنوانه انقذوا ريان.

سقط وبسقوطه احيا أمال ومعالم كثيرة لا تحصى ولاتعد واستطاع في اختبار المصير الصعب من حفرته العميقة أن يشع النور في كثير من النفوس المظلمة، واثبت بجدارة السلطة الرابعة بأنها هي الأولى إذا ما أخلصت النواياء وتوحّدت ستنتصر للإنسانيه.

مضى زمان وضمير العالم من مسائل عديدة يعيش بين متبلدًا ومتغربًا ومزيّف، ولم يكن عند المستوى المأمل والمطلوب منه، وأخيرًا بحادثة ريان كأنه دبّت في عروقه الحياة من جديد، وذلك ما يُفرجنا ويُبكينا معًا!.. ولا ضير إن ربما هناك من يقول: حظ هذا الطفل إن مملكة المغرب تجنبت الربيع العربي، ولم تغم وتصبها ما أصاب جارتها ليبيا وإخواتها العربيات من دمار وكوارث، وإلا لكان حال ريان كحال اطفال تاهت وكسدت قضاياها بكساد قضاياء تلك البلدان المصلوبة بالحروب .

مات ريان. نعم مات ريان، فلعل العالم بموته قد أرتوى من غظ غصنه الطري وليس له أن يضماء مرة ثانية، وقد صحصح باله وسيتذكر من باب المقاربة بهذا اطفال عالقة يسعقها الصقيع والجوع والمرض فتموت ولا من يرحمها ويرأف بحالها، سيتذكر مشهد الطفل الفلسطيتي ببعده الإنساني والأخلاقي والسياسي ” محمد الدرة” سيتذكر ما التقطه المصور العالمي والمنتحر للأسف (كيمين كارتر ) ما عرف حينها بفتاة النسر وتاليها للغارق الطفل السوري إلان

ترجّل ريان ولا من دفعه إلى مصيره ليعلق عن القاع بعيدًا في سماء البئر إلا القدر، وجميل من سعى وجبر بخاطر أهله وجعل قضيته تنال حقها من التعاطف والتضامن والشهرة.. ولكن عطفًا عليه وقد نجحنا في الدرب هذا متحررين من عقدنا ولو لبرهة من الزمن. فهناك ايضًا ملاين الملاين من الأطفال تشترك في نفس الحكاية ويجب أن يسلّط عليها الضوء تيمنًا بالواقعة.

وأن يدفعها القدر كمثل هذا العصفور الهالك في البئر شيئًا بديهي، ولكن المحزن والمؤسف إنه نصيب هلاكها بالوان العذاب جرى ويجري بأيادي أدميّة جعلتها عرضة للسقوط في مستنقعها المستمر، وما كان بودها أن يكون حصاد براءة طفولتها تنمو حزنًا بهذا الشكل ولكن هذا مصيرها وما كتب عليها، وتخليصها من ما تعلق فيه حياة لها ولأهلها وللعالم.

Author

CATEGORIES