إنصافاً للرجل الفذ د. عبدالفتاح السعيدي

إنصافاً للرجل الفذ د. عبدالفتاح السعيدي

قاس إلى حد الألم عندما يتحول سوء الفهم إلى حملة ظالمة تُفرغ الكلمات من معانيها، وما أكثر المواقف المشابهة إذ اعتدنا هذا الزمن المضطرب أن نرى القضايا العادلة و الرجال الأفذاذ يتعرضون للنقد الظالم، لا لوجود خطأ ارتكبوه؛ بل لأن البعض حاول أن يفهمهم على عجل من خلال مقاطع أو صور تُقتطع من سياقها، فيمعن في نقدهم من مشاهد لا علاقة لهم بها، وربما يُبنى على ذلك أحكام لا تعرف الطريق إلى الحقيقة، ولعل من بين تلك المشاهد ماتابعناه خلال اليومين الماضيين من حملة قاسية خلطت بين شخصية د٠ عبدالفتاح السعيدي رئيس الجامعة الألمانية تلك الشخصية الجنوبية الفذة، ومراسيم الاستقبال التي نظمتها دائرة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة له؛ كرئيس للجامعة مع طاقم جامعته، لتحمله ما لا شأن له به، وربطت اسمه بمراسيم لم يطلبها، ولم يسعَ إليها، ولم يرَ فيها يوماً رفعة٠

لقد عرفت د٠ عبدالفتاح عباس السعيدي كما يُعرف الرجال في ميادين العمل، لا معرفة الجدل والأحكام الطائشة في منصات التواصل، وعملتُ تحت رئاسته في لجنتين من لجان التصعيد النقابي بالجامعات الجنوبية خلال الأعوم 2018م وحتى العام 2022م وهناك، بعيداً عن الأضواء، رأيت معدن هذا الرجل كما هو، عايشت طريقته، ورأيت فيه إنسان يخجل من الثناء الصادق فكيف بالمجاملة الزائفة؟ رجل يحمر وجهه ويتراجع خطوة كلما تقدّم إليه المديح، ويضيق صدره كلما ارتفع التصفيق، فالتواضع عنده طبيعة لا تنفك عنه٠

عرفت د٠عبدالفتاح نقابي ينصت لزملائه في لجنة التصعيد والمتابعة ومجلس النقابة ويتعامل معهم بكل تواضع كما ينصت وهو طبيب العظام المشهور للوجع، ويتعامل مع الألم ، ففي حضوره سكينة، وفي حديثه احترام، وفي قراراته وعي
يمتلك ذكاءً وبصيرة نافذة، تُمكّنه من التمييز بين اللطف الذي يولد من القلب، واللطف الذي يصطنع لأغراض، يميز بين النبل الحقيقي والقبح حين يتخفى خلف لغة مهذبة، يميز الناس بصدقهم لا بأصواتهم، وبأفعالهم لا بابتساماتهم، متواضع وجاد و صادق من غير استعراض، وفيّ دون حسابات، ومحب للآخرين دون شروط، لا يرفع نفسه على أحد، ولا يسمح لنفسه أن تكون سبب في كسر خاطر أحد، هكذا عرفته وعرفه زملائي في لجنة التصعيد،متواضع بطبعه، شهم في تعامله، صادق في قوله وفعله، لا يرفع صوته ليُثبت حضوره، ولا يحتاج إلى مراسيم ليؤكد مكانته

فإن كان ثمة خطأ، أو خروج على الأعراف العسكرية في مراسيم الاستقبال، فذلك ليس ذنب الرجل، بل مسؤولية الجهة التي رتّبت المشهد، ربما ظناً منها أن البروتوكول يرفع القامات، بينما الحقيقة أبسط وأعمق فالرجال الأفذاذ كالسعيدي لا ترفعهم المراسيم، بل المراسيم هي التي ترتفع مكانتها حين يمرون بها، ولست هنا في معرض الحكم على مراسيم الاستقبال ، بل في مقام الإنصاف للإنسان والطبيب والأكاديمي الذي جمع العلم إلى الإنسانية، والجد إلى الرحمة، و الخلق؛ فمثل د٠عبدالفتاح السعيدي لا يحتاج إلى تلميع، ولا إلى استعراض٠
هذه شهادتي أقولها بضمير مرتاح د٠ عبدالفتاح السعيدي أكبر من وأنقى وأصدق من أن يحتاج إلى دفاع لكنني أكتب، لأن الحق يجب أن يُقال.

بقلم. بلعيد صالح محمد.

Authors

CATEGORIES