الجنوب في معركة احزاب صُنعت في غرف الشمال

الجنوب في معركة احزاب صُنعت في غرف الشمال

منذ سنوات، تتنفّذ القوى اليمنية الشمالية داخل الشرعية عبر مكونات وأحزاب تمت صناعتها بمال الدولة وتوجيهها لخدمة نفوذها فقط، لا لخدمة الوطن. هذه القوى أدركت أن معركة السيطرة ليست في الجبهات بل في غرف القرار، فاغتصبت المؤسسات وشكّلت واجهات سياسية تُستخدم لإعاقة أي خطوة جنوبية تمهّد لاستعادة الدولة.

في المقابل، ظل الجنوب يُقصى عمداً، ويُقدّم أمام العالم كمجرد طرف «تابع» لا يمتلك أدوات سياسية داخل الشرعية، بينما الواقع يقول إن الجنوب هو صاحب الأرض والقضية والقدرة على فرض المعادلة متى توفرت له أدوات القرار.

الأحزاب اليمنية المعادية لفكرة استقلال الجنوب لم تبنِ حضورها عبر الإقناع، بل عبر المال والنفوذ وتوظيف مؤسسات الدولة لخدمة مشروعها. صنعت مكونات باسم الجنوب لكنها تعمل ضد الجنوب، ودفعت بها إلى الواجهة لتبدو وكأنها “رأي جنوبي” بينما هي مجرد أذرع سياسية تحاول كبح الإرادة الشعبية.

اليوم، لم يعد خافياً أن تلك الأحزاب تخوض حرباً سياسية شرسة لإفشال أي تقدم جنوبي. معركتها ليست دفاعاً عن “الوحدة” بل دفاعاً عن الامتيازات التي كُرّست لصالحها منذ 1994. وكل تراجع لها يقابله سعي محموم لخلق ضجيج سياسي يعوّض الخسارة على الأرض.

الجنوب لم يعد أمامه ترف المجاملة. الشرعية باتت مسرحاً مفتوحاً للنفوذ الشمالي، وأي غياب جنوبي متنوع وفاعل داخلها يعني ترك القرار يُختطف مرة أخرى. الجنوب الذي فرض حضوره بقوة الأرض يجب أن يفرض حضوره الآن بقوة السياسة، لأن الخصم لا يقاتل بالسلاح فقط، بل بالمكاتب والقرارات والمشاورات التي تحدد مستقبل البلاد.

*صهيب الحميري*

Author

CATEGORIES