“من مصنع التفاهة إلى المسوق مباشرة”

بقلم/علي سيقلي

عادل موفجة، لا يكلّف نفسه عناء شراء متابعين أو التوسّل للإعجابات، يكفيه أن يكتب جملة مستفزة حتى تنهال عليه الجموع كمن دُعي إلى وليمة من السمّ.
يعرف الرجل جيدًا أن الغباء له جمهور، وأن كل شتيمة تُكتب له في التعليقات تُضيف إلى رصيده الرقمي نجمة جديدة في سماء التفاهة.

الموفجة لا يحتاج أن يكون ذكيًا، بل أن يبدو أغبى من اللازم ليجعل الأغبياء أكثر نشاطًا من العادة.
يكتب ما يخدش الحياء، وما يهين القيم، وما يغازل التطرف بوقاحة، ثم يجلس مزهوًا وهو يقرأ مئات الردود الغاضبة التي تصرخ في وجهه، بينما هو يضحك، ويحسب عدد المتفاعلين.

المفارقة أن الذين يشتمونه، يظنون أنهم “يؤدبونه”، بينما هم في الحقيقة “يربّونه” رقمًا رقمًا، تعليقًا تعليقًا، حتى يصير ما يشبه نجمًا في سماء الإسفاف.
حين تكتب في صفحة التافه لتشتمه، فأنت لا تختلف عنه كثيرًا، بل أنت تؤدي عنه وظيفة “مدير التسويق المجاني”.
تمنحه انتشارًا لا يحلم به، وتسوّق سخافاته على أوسع نطاق، وتجعل الخوارزميات تظنه “مؤثرًا”، لأنك غضبت بصدق بينما هو يستثمر في غضبك.

لا تكن وقودًا في حفلة التفاهة.
لا تردّ على الجاهل، بل تجاهله؛ فالتجاهل عند بعض الناس عقوبة أقسى من ألف شتيمة.
إن صمتك أمام التفاهة هو أعلى درجات الوعي، لأنك ببساطة، تسحب منها الضوء الذي تعيش عليه.

الموفجة وأمثاله لا يريدون النقاش ولا الحوار ولا الحقيقة، هم يريدون فقط “الضجيج”، ليشعروا أن لهم وجودًا في هذا العالم.
فلا تمنحوهم ما يريدون.

في النهاية،
بعض العقول تشبه الطبل الأجوف، لا تعمل إلا إذا ضُربت.
فدعها ساكنة، لعلها تصدأ بصمت.

Author

CATEGORIES