الغريب في حوار صحفي: لم ناتي لنحل محل أحد
لقاء شفافا مع القيادي الأستاذ/ علي هيثم الغريب
أجرى المقابلة: كل من الإعلامي ياسر منصور أبو محسن العوكبي
الأستاذ علي هيثم الغريب رئيس مجلس الحراك الجنوبي، أهلا و سهلا.أستاذ علي الغريب :
_ الإعلامي ياسر منصور
_الأستاذ علي هيثم الغريب أولا نبارك لكم الخطوات التي أعلنتم عنها و نتمنى أن يكون لموقع وكالة أنباء الجنوب سما .. الشرف لطرح بعض الأسئلة عليكم للرد عليها كون إعلانكم الأخير وجد ترحيبا كبيرا جدا في الشارع الجنوبي ..
و لكن أستاذ علي هناك من يجد أن هذا الإعلان بمثابة برباغندا تهدف إلى إضعاف الانتقالي في هذا الوقت و البعض يعتقد . أن الصراع في اليمن لم يعد سياسي شسلمي، إنما صراع عسكري حربي إقليمي و دولي … و أن الحراك الجنوبي كحركة شعبية قد قام بدوره باقتدار كما يرى البعض أنها ولدت من صلب الحراك الجنوبي و المقاومة الجنوبية ،ثم توج ذلك بإعلان المجلس الإنتقالي ككيان جنوبي ممثل عن القضية الجنوبية
.. و لهذا يرى البعض بأنه يفترض بأي شخصية قيادية جنوبية بدلا من الدعوة لإنشاء مكونات أو إعادة إحياء أخرى أن تدعو إلى توسيع المجلس و إعادة تنظيم هيكله التنظيمي .. و الدعوة لحوار في إطار هذا الكيان الجنوبي الذي هو ثمرة و جهود و نضال الجنوبيين على اختلاف انتماءاتهم الجغرافية والسياسية ،
ماردكم ؟
الاستاذ الغريب: في البدئ و قبل الدخول للإجابة على أسئلتكم أوجه التحية لأخواني الإعلاميين و الصحفيين في الرابطة الإعلامية الجنوبية سما و موقع و صحيفة سما نيوز على الجهود التي تبذلونها لإظهار الحقيقة و لو كانت مرة، فالموقع ينشر أقوال و تحاليل دقيقة ، و ينطلق الموقع من مهمة إعلامية راقية، و أجدد الشكر للقائمين على طاقم وكالة أنباء الجنوب سما نيوز…
و بصدد ردنا على سؤالكم نقول : أنه ليس هناك أي منطق معقول يمكن أن يفسر استمرار الوضع الحالي، أو الرضا عما يجري في كل محافظات الجنوب من صدامات و فتن لا سيما أن الأسباب التي كانت وراء هذه الاشكاليات التي صنعها نظام ما قبل 2015 م قد تجاوزها الواقع اليوم ، تجاوزتها انتصاراتنا في 2015 م ، و لم يعد لها اليوم أي مبرر مقبول ، و علينا جميعاً الوقوف أمام هذا الملف بكل شجاعة ، فنحن لا نريد أن نعاتب أحدا ، و لا نعطي الدروس لأحد ؛ و إنما نحن إخوة فرقت بيننا صراعاتنا ، و مفتاح القضية الجنوبية هو الاعتراف بكل من يحملها.
و يمكن ان أصف ما يجري في الجنوب بأنه “جرس إنذار للجميع”، و هذا الوضع المؤلم لا يتحمل مسئووليته المجلس الانتقالي فقط ، بل كل مكون جنوبي يتحمل جزءا مما جرى و يجري ، أما الحديث عن قدرة الانتقالي بمفرده على معالجة الأزمات في الجنوب، فأنه “تصور غير دقيق، فهناك قوى تعمل على بقاء الوضع في الجنوب على ما هو عليه دون حل للخدمات و الرواتب و الاقتصاد في الوقت الذي نتوقع فيه تفاوض مع مليشيات الحوثي .
و أعتقد أن طبيعة التباينات و الاختلافات التي ظهرت لنا في كل محافظات الجنوب كانت نداء يقظة لنا جميعا ، و كل المكونات الجنوبية بحاجة إلى البدئ في التفكير في نفسها على أن الجنوب كان دولة،
لذا آمل أن ما سنراه فيما تبقى من هذا العام 2022 م ، هو هذا التوجه الجديد في الجنوب ، وحدة الصف الجنوبي و التواصل و العمل مع بعضنا بعض بشكل أكبر.
ثم1- عندما أعلنا مجلس الحراك الجنوبي فهذا لا يعني أنه سيحل محل الانتقالي كما يطرح البعض، و لا يعني أنه عدو له ، فالانتقالي تأسس من رحم الحراك الجنوبي ، فهل يعقل ان يكون الانسان عدو نفسه .
و نقولها بشفافية أن مجلس الحراك الجنوبي قد اختار استراتيجية جديدة سوى تلك التي تأسس في إطارها التسامح و التصالح مع انطلاق الحراك الجنوبي كحركة تحرر وطني أو يكون مجلس جامع لمكونات الجنوب ، كون مكونات الحراك رغم تعددها اكتفت بالاسم و نامت ، فلا تفاعلت مع حوارات و لا قدمت مشروعا وطنيا جامعا .
وثم2: استراتيجية مجلس الحراك الجنوبي مفادها السعي أولاً لـ”تحرير” القضية الجنوبية من أبوية الصوت الواحد، و من ثم الانطلاق في آفاق جديدة تسعى لتحرير الأرض و إقامة الدولة المستقلة. أما السبب الآخر فهو أن تلك الأبوية، في نظر مجلس الحراك الجنوبي، باتت معيقة لطموحات الشعب الجنوبي، بعد أن ثبت فشل خيار المكون الواحد و الصوت الواحد، لحل القضية الجنوبية، المتمثل بتقرير مصيرها و فك ارتباطها.
وثم3: باعتقادي أنه لا يوجد نزاع على الشرعية في تمثيل الجنوب، لأنه إذا وجد مثل هذا الطرح غير السوي، قد يُنظر إليه على أنه أمر معيب لأنه يتعلق بفشل من يدعي تمثيل القضية الجنوبية.
و ننظر لهذا التباين في الطرح الوطني باعتباره تبايناً حقيقياً على ماهية برنامج العمل الذي يُراد اعتماده طريقاً لتحقيق أهداف القضية الجنوبية، و تنفيذ حق ابناء الجنوب في تأطير انفسهم ، و في هذه الحالة يكون التباين مبرراً، لأنه بالنسبة لكل واحد من الطرفين أو الأطراف ضمانة لاتباع الطريق الذي يراه صحيحاً، و يفترض أن يقود الشعب الجنوبي من خلاله لتحقيق طموحات الحرية و التحرير.
وثم4: فقد تكون في طرح البعض مراهقة سياسية، فهناك من يقول افتح دكانا في عدن و استلم مقابلة في الرياض ، و آخر يرد عليه، افتح دكانا في عدن واستلم مقابلة في أبوظبي أو تركيا، و هذا يدفع البعض لمناكفة تجهل أشياء كثيرة ، بل و تسعى هذه الأصوات ليحل الجهل و التجهيل محل العقل و المصداقية، و هذه تفرضها محفوظات قديمة ، و اصطفافات و مواقف مسبقة .
الخلاصة
أن التوافق على ميثاق شرف وطني هو مخرج التيه الجنوبي.
أبو محسن العوكبي : هل هناك إعداد لمؤتمر مجلس الحراك الجنوبي ؟!
_الاستاذ الغريب: المؤتمر القادم لمجلس الحراك الجنوبي سيكون مؤتمراً جامعاً و هي فرصة للتخلص مما علق من سلبيات في جسم الحراك الجنوبي خلال السنوات المنصرمة، و تصحيح الأخطاء على مختلف الصعد السياسية، التنظيمية ، و الكفاحية. و هذا ما حدث لمؤتمراتنا السابقة ، و لاحقاً سنتلمس النتائج الإيجابية ، و نأمل أن تظهر تلك النتائج خلال الفترة القصيرة القادمة .
ابو محسن: عليّ أن أسألك أولا عما يبدو أمرا ملفتا للنظر حينما ننظر إلى اعادة الحراك الجنوبي المعروف بتاريخه الناصع البياض و التاريخي ، رغم أن علاقتكم مع المجلس الانتقالي جيدة لكن صعبة نوعاً ما . كيف ترى مستقبل هذه العلاقة و ما برأيك فرص إعادة اللحمة الجنوبية في ظلها ؟
_الاستاذ الغريب : حسنا اخي ، تعلم أنت و كل من خاض معركة الحراك الجنوبي و من معرفتكم الطويلة بالحراك الجنوبي أننا دوما ننظر للنصف الممتلئ من الكأس ، و كوني أحد مؤسسي الحراك الجنوبي و المقاومة الجنوبية و أحد من حاول تعزيز العلاقة بين الحراك الجنوبي و جنوبيي الشرعية ، و بعد هذه الصحوة التي يشهدها الجنوب كان من المهم اليوم أن نوحد رسائلنا لأن أمامنا العديد من التحديات، و كان من المهم أن تلتقي الشخصيات الجنوبية البارزة بعد الصراعات الأخيرة ، لأنه علينا فعلا أن نعيد الجميع إلى طاولة الحوار ، ضمن إطار بحثنا عن طرق لإعادة وحدة الصف الجنوبي .
ربما علينا أن نتفهّم أن طرف واحد يناضل من أجل استعادة السيادة الوطنية الجنوبية قد لا تكون الأنسب في ظل تكالب أطراف عديدة لنهشه، و الذي برأيي المؤتمر الجنوبي العام أو الجامع أو أي اسم آخر هو الحل الوحيد . فكيف إذن بإمكاننا بناء جسور التفاهم بين المكونات الجنوبية ، و هي لم نكن على وفاق مؤخرا ؟ .
و الآن الأصوات القادمة من الداخل و الخارج تشير إلى استعدادهم للمضي قدما و إعادة ضبط العلاقة بين مكونات الجنوب الوطنية .
_الإعلامي ياسر منصور :
هل تعتقد أن بإمكان الجنوبيين الحفاظ على الوضع الراهن و الانتصارات التي حققها الحراك الجنوبي و المقاومة الجنوبية و المجلس الانتقالي و جنوبيي الشرعية ؟!
الاستاذ الغريب: السؤال المهم هو متى تكون لدينا السيادة على المناطق و المحافظات الجنوبية ، و لكن كيف يتم ذلك دون أن تكون لنا أي حقوق سياسية ؟!. و أبناء الجنوب يعرفون جيدا أن الشرعية اليمنية تبدو و كأنها في أفضل حال ؛ إذ ترى نفسها (الشرعية اليمنية) اليوم كقوة سياسية و إدارية و مالية و اقتصادية في عدن و الجنوب ؟!، و هي (الشرعية اليمنية) تزدهر سياسياً ، و الجنوبيون يعقدون السلام و التوافق فيما بينهم، و هناك من يعتقد أن الشرعية اليمنية قد تخطّت القضية الجنوبية.
أبو محسن العوكبي : هناك من يطرح أن هناك صعوبة كبيرة باعادة اللحمة الجنوبية لأن ثقافة الإقصاء السائدة بين الجنوبيين لم تتغير ؟!
_الاستاذ الغريب: أعتقد أن هذا التصور غير دقيق و يخفي وراءه تعقيدات كثيرة، و أقول ذلك لأنه عندما تنشب مواجهات بين الجنوبيين، كما رأينا مسبقا، فأننا نعلم ماذا سيحصل خلال ثلاثة أسابيع من الصراع ، فهناك خسارة للأرواح و مآس للجميع و ندم. فانظر الى تحرير الجنوب من مليشيات الحوثي و أنصارهم من الشماليين و كذلك تحرير شبوة الأخير من مليشيات الحوثي في شبوة ، فكانت عظيمة . إنها المرة الأولى منذ عام 1994 م التي أشعر بأن هناك حربا ينتصر فيها أبناء الجنوب، عندما تنظر إلى جبهات القتال في القرى و المدن الجنوبية ، ستجد أن الجنوبيين عندما يتوحدون يتحررون بظرف أسابيع. و أعتقد أن ذلك كان بمثابة صحوة للجانبين، للجنوبيين و لمليشيات الحوثي ، من عواقب التفكير مرة أخرى بغزو الجنوب.
و واحدة من الأمور التي ناقشناها مع قيادات شمالية هو كيفية التعامل مع القضية الجنوبية بروح رفيعة كما جرى من قبلنا عام 1990 م ، فإذا فقد الجنوبيون الأمل، ستكون الحرب التالية ، لا قدر الله ، أكثر ضررا على الشرعية اليمنية. و أعتقد أن طبيعة العلاقات الداخلية التي ظهرت لنا في عدن في المرة الاخيرة هي نداء يقضة لنا جميعا.
ياسر منصور : حسين العزي نائب وزير خارجية الحوثي، قال مؤخرا أن الحرب القادمة سيكون ضحاياها جنوبيين .. مارأيكم بهذا الطرح ؟!
الاستاذ الغريب: أنصح الحوثي أن يبدأ التفكير بنفسه على أنه مليشيات يحكم جغرافية الجمهورية العربية اليمنية.
و أعتقد أن هذا الطرح يستند إلى أوهام سابقة عندما كان الجنوبيون مفرقين و متعادين ، أما اليوم فالجنوبيون يشكلون 60 – 70 بالمئة من القوى التي تواجه الحوثي .
و أقول مجددا ، هذا النوع من الخطاب ليس بجديد على كل من استولى على الحكم في صنعاء تاريخياً. و لهؤلاء الأشخاص أجندات يريدون تنفيذها على المنطقة بشكل عام . و عليه أن يفهم أن الجنوب هو الجنوب. الجنوبيون لا يريدون حكم الشمال يريدون علاقة عربية رفيعة بينهم و بين كل مواطن شمالي.
فارضنا بين أيدينا و رايتنا قد ارتفعت في الجبهات و المعسكرات و فوق بيوتنا.
فما الذي سيفعله الحوثي و هو لا يمتلك اي بيئة في الجنوب ؟ هل سيطرد كل الجنوبيين من بيوتهم ؟!.
و عليه (الحوثي) ان يفهم أننا حددنا خطوطنا الحمراء بوضوح.
ابو محسن العوكبي : مكانتك النضالية مشهود لها، كيف علاقتك مع المجلس الانتقالي؟!
الاستاذ الغريب: تربطني علاقة قوية جدا مع جميع قيادات الانتقالي، و هذا لأن مراحل النضال علمتني أن أحترم كل من يناضل من أجل وطنه، و هذا لا ينطبق على الانتقالي فقط، بل و على الائتلاف الوطني الجنوبي و كافة القوى الجنوبية. و لطالما كانت مناقشاتي معهم مثمرة و مبنية على الاحترام المتبادل و التفاهم.
ابو محسن العوكبي : هل تتوقع سياسات من الانتقالي مختلفة عن سياسات مجلس القيادة الرئاسي ؟!
_الاستاذ الغريب : لقد خسرنا سبع سنوات بعد الانتصار العظيم، و جزء من ذلك كان بسبب المواجهات البينية، فالمسألة لا تتعلق بسياسة مختلفة و إنما بطبيعة الخطط المطروحة. ذكرتُ الانتقالي، لكن علينا أيضا النظر إلى بقية المكونات و كذلك المجتمع، حيث يعاني الناس من أزمة، هناك مجاعة وشيكة الحدوث، و المستشفيات و كهرباء و شبكة مياه لا تعمل ، و هذا تم طرحه في الكثير من النقاشات، و لا نعلم هل هناك من يعمل مع التحالف على هذا الملف. حالياً وصلت الأزمة إلى أسوأ حالاتها، ماذا يمكننا أن نفعل كمكونات جنوبية ؟ و نعرف أنه مهما خططنا و نحن بعيدين عن بعضنا، لن نتمكن من تحقيق أهدافنا، و سنخذل الشعب الجنوبي. فهل نجلس نلوك السياسة و الشعب بدون خبز و لا دواء و لا رواتب ، لذا السؤال هو، هل نجلس جميعا على طاولة واحدة و نتفق ليس سياسيا و وطنياً فقط بل و اقتصادياً و هل من الممكن بناء خطط بصورة تساعد دول التحالف للاتجاه نحو الاتجاه الصحيح ؟
ياسر منصور : دعني أسألك عن الاستقرار في محافظات الجنوب ال 8، لأنه غالبا ما توصف هذه المحافظات كساحة صراع بيني مستمر و وسط محيط مضطرب جدا. و حدثت مواجهات في تلك المحافظات ما ظهر للعالم الخارجي و كأن الأرض التي يسيطر عليها الحوثي هي الاكثر استقراراً. ما الذي حدث ؟ و ما هي احتمالات تقويض القضية الجنوبية في المستقبل تحت مبرر عدم الاستقرار ؟
_الاستاذ الغريب : مجددا، عندما ننظر إلى الأزمات في محافظات الجنوب، أعتقد أنه و في هذا الوقت بالذات عادة ما ننظر إلى الأزمات بشكل منعزل دون فهم المسيرة التي خاضها الحراك الجنوبي و أسس بيت جنوبي واحد من حوف الى مضيق باب المندب، خلال الأعوام العديدة الماضية، و التي شهدت تضحيات كبيرة، و الحروب مع نظام صنعاء. و قد مر علينا عدد من الشخصيات المتطرفة التي عادة ما تستغل إحباط الناس و مخاوفهم المشروعة و هم يسعون لوحدة الصف الجنوبي و لتحسين سبل معيشتهم، للدفع بأجنداتهم الخاصة و طموحاتهم.
لكنني أعتقد أنه من وجهة نظر إنسانية، يجب أن تكون النوايا صادقة حتى اثناء المتباينات و الاختلافات، فمن السهل جدا نشر الاشاعات و الاكاذيب على المناضلين و من السهل ايضاً استغلال مظالم الناس لتحقيق أجندات شخصية، لكن هل أنت صادق و أنت تحاول أن تقوم بذلك ؟ و في المحصلة، نحن نتحمل جميعا مسؤولية مشتركة في إيجاد الحلول لقضيتنا الجنوبية و لمشاكل الشعب الجنوبي.
و لهذا فإن ما حدث كان أمرا مؤسفا، و غير ضروري، و أوجد مشاكل كان بالإمكان تجنبها.
و أعتقد أنه علينا التخفيف من التحديات والصعوبات بدلا من إضافة المزيد منها.
وكالة أنباء الجنوب سما نيوز: الاستاذ علي هيثم الغريب رئيس مجلس الحراك الجنوبي يسعدنا و يشرفنا دائما الحديث معك.
الاستاذ الغريب : شكرا لكم
———-