الجنوب … اللقمة القاتلة
في خضم ضبابية المشهد السياسي ووضوح رؤية واقع جنوب اليوم يصارع الجنوب وحيداً ليس لاجل استعادة كيان دولته المغدور بها وهويته المسلوبة فحسب بل ويصارع لاجل بقائه ووجوده.
نعم هو صراع وجود أزلي متجدد يخوضه الجنوب للمرة المليون ضد قوى الاستعمار المسعورة لأجل الجغرافيا والثروة ، تلك اللعنة التي تطارد الجنوب في كل عصر وزمان ، تلك النعمة التي تحولت الى نقمة تحرق الارض وتبيد الانسان لاجل استخلاف الجغرافيا وامتلاك ثرواتها .
نعم انها لعنة الجغرافيا والثروة التي اوقعت جنوب الامس في شراك الغزاة والطامعين تجدد ايقاعه اليوم بين فكي محتل يمني غاشم وحليف عربي طامع وأبن جنوبي نخاس وقوى دولية استعمارية ظالمة لا ترحم ، تلك اللعنة التي جعلت كل منهم يحد شفرته المسمومة ليقتطع من الجسد الجنوبي ما شاء ومتى ما شاء ليتصرف بها كيفما شاء دون حسيب او رقيب .
نعم انها لعنة الجغرافيا والثروة جنوباً فهي التي جعلت قوى الاحتلال اليمني تتصارع فيما بينها وتنقسم على نفسها وتتبادل الادوار لاجل التفرد بكعكتها .
لعنة.الجغرافيا والثروة التي حولت عاصفة الحليف من حزم على الشمال الى قضم للجنوب، ومن أمل وانقاذ للشمال الى اجل واغراق للجنوب ،ومن تحرير لصنعاء الى اعادة الاحتلال لعدن، ومن محاربة لاعداء التحالف من قوى اليمن الحوثية والاخوانية والعفاشية الى اعادة تمكينهم ومن تمكين لحلفائه الجنوبيين الى محاربتهم ، تلك اللعنة التي جعلت الحليف يستغل نصر الجنوب وتضحيات شعبه لاجل وجوده وبقائه ليفصله على مقاس مصالحه ومصالح قوى النفوذ والاطماع المحلية والدولية.
لعنة الجغرافيا والثروة التي حولت ابن الجنوب العاق الى نخاس يقايض بالارض والانسان والثروة في اسواق نخاسة الاوطان مقابل فتات زائل.
لعنة الجغرافيا والثروة التي جعلت قوى الاستعمار الدولية تحزم حقائب عدتها وعتادها صوب الجنوب لتمكن في ارضه ارخص من يغليها وتولي على شعبه انذل من يبيعها مصالحها بخساً ان لم يحققها مجاناً .
لكن مثلما هي لعنة الجغرافيا والثروة نقمة
على الجنوب فإن تلك اللعنة لقمة قاتله لاعدائه ، هكذا يقول التاريخ عبر كل العصور وهكذا اثبتت الاحداث حقيقة إن الجنوب عصي على البلع غير قابل للهضم وبأن لقمته القاتلة تخنق وتقتل كل من يحاول قضمه او ابتلاعه وعلى من يرفض الايمان بهذه الحقيقة او التعلم والاعتبار من احداثها فإنما تسوقه اطماعه قبل اقداره الى هزيمته او حتفه .