من أمام شاشة عرض عملاقة لمونديال 2022م

في المرحلة الأخيرة من تصفيات المجموعات المؤهلة لدوري ستتعشر لكأس العالم 2022م المقامة في دولة قطر الفتية أنقسم المشاهد أمام احد شاشات العرض أثناء المتابعة إلى نصفين..نصف يدعم بث اللقاءات التي تجمع فيها منتخبات عربية وإسلامية، والقسم الآخر ينظر للمونديال بانفتاحية وهو يؤيّد بث جميع المباريات دون تحيّز لطرف بعينه. فمثلًا في لقاء السعودية والمكسيك الأغلبية من المشجعين دعمت بثها دونها مباراة الأرجنتين، وتلك تعلل مطلبها بأن السعودية دولة مسلمة وعربية شريكة في الدين واللغة والعرق وجب الوقوف إلى جانبها بقوة دونها الأخيرة صاحبة الانجازات والمتعة الكروية التي لا تربط العرب والمسلمين بشي مما ذُكر.

ومن الليلة السابقة لإقامة المباريات والجدل محتدم بين الفريقين، فالأقوى كثّف من نشاطه وتواجده من بداية مساء إنطلاق المرحلة مجبرًا المشّغل لتلك الشاشة غض الطرف عن مطلب الثانية الضعيف.

وإلى أن بدأت أحداث المباراة وبدأ البث ينطلق حتى أخذت الهتاف من أمام الشاشة يعلو بالصيحات، وجميل أنّ من المشجعين من تحللى بأخلاقيات التشجيع مستوعبًا ما تجسّده الكرة من أهداف ومن قيم إنسانية نبيلة بين الشعوب، إلا أن البعض أخذ يتلطّع كثيرًا داعيًا بالنصر المبين للمنتخب السعودي بل وقد ذهب لأبعد من ذلك واصفًا كل من يساند ويأزر بالهتاف دولة أجنبية أمام دولة عربية ومسلمة بالنفاق، كما لو كان من ملعب الأمير حمد وملعب البيت القطري وبقدم سالم الدوسري او رأسيّة صالح الشهري سيندحر جيش المكسيك المقابل، وبسيف الساحرة المستديرة ستدخل جيوش بنو العباس قارة أمريكا الجنوبية مهللين مكبرين فاتحين مدينتي مكسيكوسيتي وبيونس آيرس.

في مشهد كهذا يتجلّى بوضوح عمق الأزمة التي يعيشها الشارع العربي، وهذا أمرًا طبيعي ناتج ما أصابه من إنتكاسات وإخفاقات سياسية متلاحقة انعكست سلبًا على بناء قدراته الفكرية والنفسية أن يجعل من أي تجمّع إنساني مهما كان غرضه فرصةً سانحة يفرغ فيها طاقته المكنونة.

فلا أحدًا يستطيع أن ينكر بأن البعد السياسي غدى اليوم له تأثير كبير على مجريات الرياضة، فلا يمكن أن تقام إحتفالية من هذا القبيل دونما يكون ورائها مغزى وهدف سياسي، فدولة قطر الشقيقة التي لها شرف احتضان المونديال لم يكن بمقدور أعضاء الفيفاء التصويت لملفها والموافقة بتنظيمه كاملًا لولا قبولها بكافة الشروط التي فرضت عليها من قِبلهم، ومن بنودها رفع القيود على وافدين الخارج والسماح لهم بممارسة حريتهم غير الدينية بأريحية تامة، واحد فقط منها للتذكير “زواج المثليّن”.

ففي هذه يجهل المتابع العربي المتعصب والمتشنج لمحيطه الجغرافي، كيف بأن ذلك طعنة في الظهر وجهت للعرب وللفطرة السماوية والتي بكل أشكالها الدينية تحرّم زواج الرجل بالرجل والأنثى بالأنثى؟. وعليه ومن هذا المنطلق.. فالنفاق إذا حسبناه بمعنى النفاق ومن وجهة نظر قد تكون قاصرة او صائبة لا سمح الله قد يتعدى حدود هتاف ومساندة منتخب أجنبي مقابل منتخب عربي او مسلم إلى كل من نظّم ونافس ولعب وساند مونديال 2022م المُقام في فناء ديارنا العرب والمسلمين.

CATEGORIES