من يملك قرار إعلان فك الارتباط

هذا السؤال يدور في أذهان الكثيرين، وتُطرح حوله إجابات عديدة، لا شك أن عيدروس الزبيدي ومجلس الانتقالي ليسا منها.

وحتى لا نظلم عيدروس الزبيدي وحده، نقول: إن رئاسة مجلس الانتقالي اختارت أن تضع مصير الجنوب وشعبه بين يدي التجاذبات الإقليمية والدولية، على الرغم من تهيئة الأمور داخليًا على المستوى الشعبي والعسكري لفرض الأمر الواقع على الأرض. لكن مثل هذا القرار سيلحق ضررًا بمكانة القيادة الجنوبية خارجيا، أما شعب الجنوب فليس ثمّة ضرر أكثر مما يعانيه اليوم، ولذلك اختارت قيادة الانتقالي إيثار السلامة لنفسها، والسير في طريق طويل مجهول على أمل بلوغ الهدف المنشود في نهايته برضى دولي.

غير أن فرصة فرض الأمر الواقع تتآكل يومًا بعد يوم، خاصة مع اصطفاف رئاسة مجلس الانتقالي بكل ثقلها مع الإمارات العربية المتحدة وتبنّي سياستها الخارجية، متغافلة الفروق بين وضع الجنوب والإمارات. وقد ولّد هذا الاصطفاف هواجس لدى دول الجوار وبعض الدول الإقليمية الفاعلة، وانعكست هذه المخاوف بدورها سلبًا على الداخل الجنوبي، فأصبحنا نشهد صراعًا بالوكالة حيث استقطبت تلك الدول بعض المتخوِّفين من أبناء الجنوب من مشروع الإنتقالي ويرون فيه تهمشيا لهم ولحقوقهم، وبتنا نرى تشكيل هيئات ومعسكرات جديدة ذات نزعات مناطقية، يتحمّل مجلس الانتقالي الجزء الأكبر من مسؤولية تغذيتها بسبب أخطائه الداخلية والخارجية.

خلاصة القول:
إن الجنوب لن يُهدى منحةًمن أحد، لا إقليميًا ولا دوليًا. ولن يتحقق حلم أبنائه إلا بجهدهم الخاص، وتضحياتهم الذاتية، يفرضون بها الأمر الواقع على الأرض، ثم يأتي بعد ذلك التفاوض للحصول على الاعتراف الدولي. وهذا المشروع الوطني الكبير يحتاج قيادة شجاعة، متقشفة، ليس لديها ما تخشى خسارته، تعيش بين أبناء شعبها، تشاركهم آلامهم، وتستشعر معاناتهم.
وهذا للأسف هو بالضبط ما نفتقده اليوم.

Authors

CATEGORIES